كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

يَا رَخَمًا (قَاظَ) (¬6) عَلَى مَطْلُوبْ ... يُعْجِلُ كَفَّ الْخَارِئِ الْمُطِيبْ
وَالْمُطيبُ: هُوَ الَّذِى يُنَقِّى مَوْضِعَ الاسْتِنْجَاءِ (¬7) مِنْ أَثَرِ الْغَائِطِ وَيُنَظِّفُهُ. وَقَدْ ذَكرْنَا أَنَّ "الْخَلَاءَ" أَصلُهُ: الْمَوْضِعُ (¬8) الْخَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ، فَسُمِّىَ بِهِ الْخَارِجُ مِنَ الإِنْسَانِ.
قَوْلُهُ (¬9): "الْخُبُثِ والْخَبَائِثِ" يُرْوَى بِضَمِّ الْبَاءِ وَإِسْكَانِهَا. قَالَ أَبو بَكْرِ بْنِ الأنْبَارِي (¬10): الْخُبْثُ: الْكُفْرُ، وَالْخَبَائثِ: الشَّيَاطِينُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمَ: الْخُبُثُ بِضَمِّ الْبَاءِ: جَمْعُ الْخَبِيثِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنَ الشَّيَاطِينَ وَالْخَبَائِثُ: جَمْعُ خَبِيثَة، وَهِيَ الأنثَى مِنَ الشَيَاطِينِ (¬11) وَفِي الْحَدِيثِ "أعُوذُ بِكَ مِنَ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ" (¬12) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬13): الْخَبِيثُ: ذُو الْخُبْثِ فِي نَفْسِهِ، وَالْمُخْبِثُ: الَّذِى أعْوَانُهُ خُبَثَاءُ، كَمَا يُقَالُ: قَوِىٌّ مُقْوٍ، فَالْقَوِيُّ فِي نَفْسِهِ وَالْمُقْوِيُّ: أنْ تَكُونَ (دَابَّتُهُ) (¬14) قَويًّة. قَالَ أبُو بَكْر (¬15): يُقَالُ: رَجُلٌ مُخبِثٌ: إِذَا كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخُبْثَ. وَأجَازَ بَعْضُهُمْ أن يُقَالَ: رَجُل مُخْبِثٌ لِلَّذِي (¬16) يَنْسُبُ النَّاسَ إلَى الْخُبْثِ. قَالَ الْخَطَابِىُّ (¬17): الْخُبُثُ: مَضْمُومَةُ الْبَاءِ: جَمْعُ خَبِيثٍ، وَأمَّا الْخَبَائِثُ فَإنَّهُ جَمْعُ خَبِيثَةٍ. وَأمَّا الخُبْثُ سَاكِنَةُ الْبَاءِ فهُوَ (¬18) مَصْدَرُ خَبُثَ الشَّىْءُ يَخْبُثُ خُبْثًا، وَقَد يُجْعَلُ اسمًا قَالَ ابْنُ الأعْرَابِىِّ: الْخُبْثُ: الْمَكْرُوهُ، فَإنْ كَانَ مِنَ الْكَلَامِ، فَهُوَ الشَّتْمُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمِلَلِ، فَهُوَ الْكُفْرُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الطَّعَام، فَهُوَ الْحَرَامُ.
قَوْلُهُ: "غُفْرَانَكَ" (¬19) هُوَ مَصْدَرٌ كَالشُّكْرَانِ والْكُفْرَانِ (¬20). وَأصْلُ الْغَفْرِ: السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ، وَمِنْهُ سُمِّيَ المِغْفَرُ، لِتَغْطِيَتِهِ الرَّأسَ وَالْمَغْفِرَةُ: سَتْرُ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ وَتَغْطِيَتُهُمْ. وَالْغَفُورُ: السَّاتِرُ. وَمَعْنَى طَلَبِ الْغُفْرَانِ هَا هُنَا، لأنَّهُ تَرَكَ ذِكْرَ اللهِ عَامِدًا، وَفِيمَا سِوَاهُ يَتركُهُ نَاسِيًا (¬21)، وَانْتِصَابُهُ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ أيْ: أطْلُبُ غُفْرَانَكَ (¬22).
قَوْلُهُ: "وَعَافَاني" لِأنَّ احْتِبَاسَ الْأذَى فِي الْجَوْفِ عِلَّةٌ مُتْلِفَةٌ، فَيَحْمَدُ (¬23) اللهَ تَعَالَى عَلَى الْعَافِيَةِ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: "فَلْيَرْتَدْ لِبَوْلِهِ" (¬24) أَيْ: يَطْلُبُ. والرَّائِدُ: الطَّالِبُ، أَيْ: يَطْلُبُ مَوْضِعًا مُتَسَفِّلًا (¬25)
¬__________
= السَّماء ينتظر قيام المتغوط ليأكل غوطه. وَقَاظَا أَيْ قَامَ عَلَى الْقَيْظِ وَهُوَ حَمْرَاءُ الصَّيْفِ. ومطلوب موضع.
(¬6) في ح: قَاض.
(¬7) ع: والمستنجى يطيب موضع الاستنجاء: تحريف.
(¬8) ع: اسم للموضع.
(¬9) في المهذب 1/ 25: ويستحب أن يقول: اللَّهُمَّ إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث، لما روى أنس (ر) أن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دخل الخلاء قال ذلك.
(¬10) في الزاهر 2/ 147.
(¬11) تهذيب اللغة 7/ 337 واللسان (خبث 1088).
(¬12) صحيح مسلم 1/ 283 والترمذي 1/ 19 وسنن ابن ماجة 1/ 108 والنسائي 1/ 20 وغريب أبي عبيد 2/ 192 والفائق 1/ 348 والنهاية 2/ 6.
(¬13) في غريب الحديث 2/ 192.
(¬14) خ: ذاته. والمثبت من ع وغريب الحديث.
(¬15) في الزاهر 2/ 147.
(¬16) ع: الذى: تحريف.
(¬17) في إصلاح خطأ المحدثين ومعالم السنن 1/ 10،11.
(¬18) ع: فَإنه.
(¬19) في المهذب 1/ 26: كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا خرج (من الخلاء) "غفرانك الحمد لله الذى أذهب عنى الأذى وعافانى" وانظر تحفة الأحوذي 1/ 49 ومعالم السنن 1/ 22 والنهاية 3/ 273.
(¬20) الكتاب 1/ 324.
(¬21) ع: ساهيا.
(¬22) الفاخر 134 والزاهر 1/ 109 وغريب الخطابى 2/ 159.
(¬23) ع: فحمد.
(¬24) في المهذب 1/ 26: روى أبو موسى الأشعرى (ر) أن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله" وانظر الحديث في معالم السنن 1/ 10 وغريب الحديث 2/ 193 والفائق 1/ 438 والنهاية 2/ 279.
(¬25) ع: لَيِّنًا. وفي غريب الحديث: مكانا لينا منحدرًا ليْسَ بصلب فينتضح عليه أو مرتفعا فيرجع إليه. وكذا في الفائق والنهاية.

الصفحة 36