كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

الْجَارِ الْجُنُبِ} (¬37) هَذَا هُوَ الأصْلُ، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى قِيلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ غُسْلٌ مِنْ جِمَاعٍ: جُنُبٌ. يُقَال: رَجُل جُنُبٌ، وَامْرَاة جُنُبٌ، وَرِجَال جُنُبٌ، يَسْتَوِى فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ، وَالْمُؤَنَّثُ وَرُبَّمَا قَالُوا (¬38) فِي جَمْعِهِ: أجْنَابٌ وَجُنُبُون، يُقَالُ (¬39) فِي فِعْلِهِ: أجْنَبَ الرَّجُلُ وجَنُبَ (أيْضًا) (¬40) بِالضَّمِّ (¬41) وَيَكُونُ أيْضًا (بِمَعْنَى) (¬42) الاعْتِزَال. يُقَالُ: نَزَلَ فُلَانٌ جَنْبَةً، أيْ: نَاحِيَةً وَاعْتَزَلَ النَّاسَ (¬43).
قَوْلُهُ: (ثلَاثَ حَثَيَاتٍ) (¬44) يُقَالُ مِنْهُ: حَثَّى يَحْثُو، وَحَثَى يَحْثِى (¬45)، وَهُوَ إرْسَالُ الْمَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْكفِّ.
قَوْلُهُ: "أشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِى" (¬46) وَ (كَانَ) (¬47) لهَا ضَفَائِرُ، جَمْعُ ضَفِيرَةٍ قَال الأزْهَرِىُّ (¬48): أخِذَت (¬49) الضَّفِيرَةُ مِنَ الضَّفْرِ، يَعْني عَمَلَهَا، وَهُوَ نَسْجُ قُوَى الشَّعَرِ، وَإدْخَالُ بَعْضِهِ فِي بعْضٍ، فَإذَا لُوِيَتْ: فَهِيَ عِقَاصٌ وَاحِدَتُهَا: عَقِيصَةٌ.
قَوْلُهُ (¬50): "خُذِى فِرْصَةٌ مِنْ مِسْكٍ" أَيْ: قِطْعَة، مَأْخُوذٌ مِنْ فَرَصْتُ الشَّىْءَ: إذَا قَطَعْتَهُ بِالْمِفْرَاص، وَهُوَ الَّذِى يُقْطعُ بِهِ الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ (¬51) يُتْبَعُ بِهَا أثَرُ الدَّم، مِن الْفَرْجِ؛ لِيُزِيلَ بِهِ عُفُونَتَهُ وَنَتْنَهُ وَيُطَيِّبُ مَوْضِعَهُ. وَالَّذِى يُرْوَىْ في الْحَدِيثِ: "فِرْصَة مُمَسَّكَةً" (¬52) أيْ: قِطْعَة منْ صُوفٍ أوْ قُطْنٍ طُيِّبتْ بِالمِسْكِ، وَهُوَ أقْرَبُ إلَى الْمَعْنَى؛ لِأنَّ اسْتِعْمَالَ المِسْكِ فِي الْفَرْج خَالِصًا: مِنَ السَّرفِ وَالتَّبْذِيرِ الْمَنْهىِّ عَنْهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ (¬53): "مِنْ مَسْكٍ" بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَهُوَ الْجِلْدُ، وَاحْتَجَّ بِأنَّهُمْ كَانُوا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي الْمَعَاش فَضْلًا عَنْ أَنْ يَمْتَهنُوا المِسْكَ. وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬54): خِرْقَةً مُمَسَّكَةً" أَيْ بَالِيَةً، وَهِىَ الَّتِى طَالَ إمْسَاكُهَا حَتَّى بَلِيَتْ؛ لِأن الخَلَقَ أَصْلَحُ فِي الاسْتِعْمَال لِلفَرْجِ.
قَوْلُهُ "تَوَضا بِمَا لَا يَبُلُّ الثَّرى" (¬55) الثَّرى: التُرَابُ النَّدِىُّ (¬56)، وَأرادَ هَا هُنَا التُّرابَ نَفْسُهُ اتِّسَاعًا.
قَؤلُهُ: "وَيَخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِى" (¬57) الْخُرْقُ: ضِدُّ الرِّفْقِ، وَمَعْنَاهُ هَا هُنَا: أنْ يُسْرِفَ بِالْمَاءِ وَيُبَدِّدَهُ وَلَا يَرْفُقُ وَ (لَا) (¬58) يَقْتَصدُ. وَالرِّفْق: أَنْ يَأخُذَ الْمَاءَ قَلِيلًا قَلِيلًا عَلَى تُؤَدَةٍ مِنْ غَيْرِ عَبَثٍ، وَلَا تَبْذيرٍ. وَالْخَرْقُ: مَصْدَرُ الْأخْرَقِ، وَهُوَ ضِدُّ الرَّفِيقِ، وَقَدْ خَرِقَ بِالْكَسْرِ يَخْرَقُ خَرَقًا، وَالاسْمُ: الْخُرقُ (¬59).
¬__________
(¬37) سورة النِّساء آية 36.
(¬38) ع: ويقال.
(¬39) ع: ويقال.
(¬40) أيضًا ساقط من خ والمثبت من ع والصحاح (جنب والنقل عنه).
(¬41) السابق وغريب الخطابي 3/ 69 والمحكم 7/ 323 والفائق 1/ 238.
(¬42) بمعنى ليس في خ.
(¬43) اللسان (جنب 692).
(¬44) في المهذب 1/ 31: في صفة الغسل: ثمّ يحثى على رأسه ثلاث حثيات.
(¬45) الصحاح (حثو) والعين 3/ 285 وتهذيب اللغة 5/ 209 والمحكم 3/ 384 واللسان (حثا 776) وأفعال السرقسطى 1/ 421 وجمهرة اللغة 3/ 217.
(¬46) في المهذب 1/ 31: من حديث أم سلمة (ر): "إنى امرأة أشد ضفر رأس أفَأنْقُضه لغسل الجنابة؟ "
(¬47) كان: ليس في خ.
(¬48) في تهذيب اللغة 12/ 11.
(¬49) ع: أخذ.
(¬50) في المهذب 1/ 31: إنَّ امرأة جات إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - تسأله عن الغسل من الحيض، فقال: خذى فرصة من مسك فتطهرى بها" الحديث في صحيح مسلم 1/ 260 وسنن النسائي 1/ 136 ومعالم السنن 1/ 97 وغريب الحديث 1/ 61 والفائق 1/ 262 والنهاية 3/ 431.
(¬51) الصحاح (فرص) والعين 7/ 112 واللسان (فرص 3386) والمراجع السابقة.
(¬52) كذا في رواية أبي عبيد، والزمخشري، والخطابي، وابن الأثير غير أنّه ذكر أن الحديث روى "فرصة" وعن ابن قتيبة "قرضه".
(¬53) غريب الحديث.
(¬54) 1/ 262.
(¬55) في المهذب 1/ 31: روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ بما لا يبل الثرى ولم أعثر على هذا الحديث. وقال النووي: لا أعلم له أصلا. المجموع شرح المهذب 1/ 190.
(¬56) كذا ذكر الهروى في الغريبين 1/ 279 والقاضى عياض في مشارق الأنوار 1/ 129 والإسكافى في مبادئ اللغة 29 وابن دريد في الجمهرة 3/ 218.
(¬57) في المهذب 1/ 31: قال الشافعي رحمه الله: وقد يرفق بالقليل فيكفى ويحرق بالكثير فلا يكفى.
(¬58) لا: ليس في خ.
(¬59) عن الصحاح (خرق) وانظر =

الصفحة 42