كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "ثَمَّ طَرَأ الْعُذْرُ" (¬29) بِالْهَمْزِ، أَيْ: حَدَثَ.
قَوْلُهُ (¬30): {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} (¬31) قَالَ أهلُ التَّفْسِيرِ كُلُّهُم: هِىَ صَلَاةُ الْفَجْرِ تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ، أَيْ: تَحْضُرُهَا (¬32).
قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬33): سُمِّيَتِ الصَّلَاةُ قُرْآنًا؛ لِمَا يُقْرَأْ فِيهَا مِنَ الْقُرْآنِ. وَأَصْلُ الْفَجْر: الانْشِقَاقُ وَمَعْنَاهُ: انْشِقَاقُ الظُّلْمَةِ عَنِ الضِّيَاءِ، قَالَ الله تَعَالَى: {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} (¬34) أَيْ: انْشَقَّتْ وَهُمَا فَجْرَانِ: مُسْتَطِيلٌ ومُسْتَطِيرٌ (¬35). فَالْمُسْتَطِيلُ الْمُسْتَدِقُّ صَاعِدًا فِي الْجَوِّ شِبْهُ ذَنَبِ السِّرْحَانِ، وَهُوَ الذِّئْبُ. وَإنَّمَا شُبِّهَ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ مُسْتَدِقًّا صَاعِدًا مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاض، وَهُوَ الْكَاذِبُ، وَالْمُسْتَطِيرُ: الْمُنْتَشِرُ في الأفُقِ عَرْضًا، وَكُل مُنْتَشِرٍ مُسْتَطِيرٌ (¬36).
قَالَ حَسَّانُ (¬37):
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِى لُؤىٍّ ... حَرِيقٌ بِالبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
لُؤَىُّ: مَهْمَوزٌ: تَصْغِيرُ الَّلأى (¬38) وَهُوَ الثَّوْرُ الْوَحْشِىُّ (¬39). وَالبُوَيْرَةِ بِغَيْرِ هَمْزٍ: مَوْضِعٌ (¬40)، وَلَيْسَ بِتَصْغِيرِ بِئْرٍ. وَهُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ؛ لِأنَّهُ صَدَقَ عَنِ الصُّبْحِ.
قَؤلُهُ: "وَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ" مُسَمَّاة بِاسْمِ أوْقَاتِهَا، فَأَمَّا الصُّبحُ، فَسُمِّىَ صُبْحًا؛ لِأنَّهُ يَجْمَعُ بَيَاضًا وَحُمْرَةً، يُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِى عَلَتْهُ حُمْرَةٌ: أصْبَحُ (¬41). ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ (¬42).
وَأمَّا الظُّهْرُ: فَهُوَ الْوَقْتُ بَيْنَ الزَّوَالِ (¬43) وَالإبْرَادِ، مَأخُوذٌ مِنَ الظُّهُورِ، وَهُوَ الإرْتِفَاعُ، وَسُمِّىَ الظَّهِيَرَةَ أيْضًا (¬44)، قَالَ الله تَعَالَى: {وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ} (¬45) وَالْعَصْرُ: سُمِّيَتْ عَصْرًا بِاسْمِ ذَلِكَ الْوَقْتِ (¬46)، وَالْعَصرُ: مِنَ الإبْرَادِ إلَى تَطْفِيلِ الشَّمْسِ، قَالَ الْحَارِثُ بْنُ حِلِّزَةَ:
¬__________
= قال الفراء: أنشد الشافعى بيت أبي طالب. وكذا في اللسان (ثوب- ذبل) ولم أجده في الديوان.
(¬29) في المهذب 1/ 54: إذا أدرك جزء من أول الوقت ثمّ طرأ العذر. . . فإن لم يدرك ما يتسع لفرض الوقت: سقط الوجوب.
(¬30) في المهذب 1/ 53: ويكره أن تسمى صلاة الغداة لأنّ الله تعالى سماها بالفجر فقال تعالى: {الآية}.
(¬31) سورة الإسراء آية 78.
(¬32) انظر الكشاف 2/ 195 وتفسير أبي السعود 3/ 228 ومجاز القرآن 1/ 388 ومعانى القرآن 2/ 129.
(¬33) في الغريبين 2/ 115.
(¬34) سورة البقرة آية 60.
(¬35) تهذيب اللغة 7/ 503 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 22.
(¬36) المحكم 7/ 275 واللسان (فجر 3351) و (طير 2737) والنهاية 3/ 151 وفي الحديث: "الفجر فجران فالذى كأنّه ذنب السرحان لا يحرم شيئا وأمّا المستطير الذى يأخذ الأفق فإنّه يحل الصَّلاة ويحرم الصوم، وانظر تفسير الطبرى 3/ 515، 516.
(¬37) ديوانه 1/ 210.
(¬38) اللأى: بوزن اللَّعَا. اللسان (لأى 3978).
(¬39) قال ابن دريد في الاشتقاق 24: واشتقاق لؤى من أشياء: إمّا تصغير لواء الجيش، وهو ممدود، وتصغير لوى الرمل وهو مقصور، أو تصغير لأى تقدير لعا وهو الثور الوحشى وهو مقصور مهموز.
(¬40) المشترك وضعا والمفترق صقعا 72 ومراصد الاطلاع 1/ 232.
(¬41) في العين 3/ 126: الصبح: شدة حمرة في الشعر وهو أصبح. نقله في التهذيب 4/ 267 وقال: أبو عبيد عن الأصمعى: الأصبح قريب من الأصهب. وقال شمر: الاْصبح: الذى يكون في سواد شعره حمرة، ومنه صبح النهار مشتق من الأصبح. قال الأزهرى: ولون الصبح الصادق يضرب الى الحمرة قليلا. وقيل: الصبحة: لون قريب من الشهبة، والأصبح من الشعر: الذى يخلطه بياض بحمرة، ذكره ابن سيده في المحكم 3/ 122 وهو مناسب لقول الليث: الصبيح الوضىء الوجه. تهذيب اللغة 4/ 268. وقولهم: الصُّبح: بريق الحديد وغيره. المحكم 3/ 122 واللسان (صبح 2390).
(¬42) .....................
(¬43) في العين 4/ 37: والظهر: ساعة الزوال ومنه يقال: صلاة الظهر. وكذا في المحكم 4/ 207 واللسان (ظهر 2769).
(¬44) قال ابن سيده: وقيل الظهر مشتق منها.
(¬45) سورة النور آية 58.
(¬46) العصران: الغداة والعشى. والعصر العشى إلى إحمرار الشمس وصلاة العصر مضافة إلى ذلك الوقت العين 1/ 343 والمحكم 1/ 265.

الصفحة 54