كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

ومِنْ بَابِ الأذَانِ
أَصْلُ الأذَانِ في اللُّغَةِ: الإِعْلَامُ (¬1)، قَالَ الله تَعَالَى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} (¬2).
وَقَوْلُهُ: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ} (¬3) أَيْ: إعْلَامٌ. فَالْمُؤَذنُ يُعْلِمُ النَّاسَ بِدُخُول الْوَقْتِ. وَاشْتِقَاقُهُ: مِنَ الأذَانِ، لِأنَّ بِهَا يُسْمَعُ الأذَانُ، أَىْ: الإِعْلَامُ. هَكَذَا ذَكَرَهُ الزَّجَّاجُ (¬4) وَآذَنْتُكَ بِالْأمْرِ، أَيْ: أوْقَعْتُهُ في أُذُنِكَ فَسَمِعْتَه.
وَفِيه لُغَتَانِ: آذَنَ، وَأَذَّنَ: إذَا كَانَ بِمَعْنَى الإِعْلَامُ، وَإنَّمَا شُدِّد مُبَالَغَةٌ وَتَكْثِيرًا، قَالَ الله تَعَالَى: {فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ} (¬5) أيْ: أعْلَمَ. وَقَالَ: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} (¬6) أعْلَمْتُكُمْ فَاسْتَوَيَتَا في الْعِلْم (¬7).
قَوْلُهُ: "مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخمْسِ" (¬8) الْمَشْرُوعُ: لَفْظٌ يَشْتَمِلُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَسْنُونِ فَعَمَّ بِذَلِكَ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِمَا، وَقَؤلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُمَا سُنَّتَانِ.
قَوْلُهُ: "اسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ" (¬9) أَيْ: اسْتَخْرَجَ رَأيَهُمْ، مِنْ شُرْتُ الْعَسَلَ: إذَا استخْرَجْتَهُ مِن بَيْتِ النَّحْلِ. يُقالُ: شُرْتُ العَسَلَ، وَأشَرْتُهُ، وَاشْتَرْتُهُ (¬10)، فَهُوَ مَشُورٌ (¬11)، وَمُشْتَارٌ وَمُشَارٌ. قَالَ (¬12):
. . . . . . . . . . ... وَحَدِيثٍ مِثْلِ مَاذِىٍّ مُشَارِ
وَقَالَ العُزَيْزِىُّ (¬13): مَأخُوذٌ مِنْ شُرْتُ الدَّابَّةَ وَشَوَّرْتُهَا (¬14): إذَا اسْتَخْرَجْتَ جَرْيَهَا، وَعَلِمْتَ خَبَرَهَا.
قَوْلُهُ: "النَّاقُوسُ" هُوَ آلةٌ مِنْ نُحَاسٍ أوْ خَشَبٍ، قَالَ (¬15):
صَوْتُ النَّوَاقِيسِ بِالأسْجَارِ بَلِ الدْ ... يُوكِ الَّتِى هَيَّجْنَ تَشْوِيقى
¬__________
(¬1) الزاهر 1/ 122 ومجاز القرآن 1/ 252، 2/ 43 والغريبين 1/ 31، 32 وتهذيب اللغة 15/ 18.
(¬2) سورة الحج آية: 27.
(¬3) سورة التوبة آية: 3.
(¬4) في المعانى 2/ 474.
(¬5) سورة الأعراف آية: 44.
(¬6) سورة الأنبياء آية: 109.
(¬7) كذا في الغريبين 1/ 31،32 وشرح ألفاظ المختصر ل 23 وخص بعضهم أذن: في الأذان بالتصويت والإعلان، قال سيبويه: وأذنت أعملت، النداء والتصويت كإعلان الكتاب 4/ 62. وقال ابن الأثير: يقال: آذن يؤذن إيذانًا، وأذن يؤذن تأذينا، والمشدد مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة. النهاية 1/ 34.
(¬8) في المهذب 1/ 54: الأذان والإقامة مشروعان. . . . إلخ.
(¬9) في المهذب 1/ 54: روى أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - استشار المسلمين فيما يجمعهم على الصلاة. فقالوا: البوق فكرهه من أجل اليهود ثمّ ذكر الناقوس فكرهه من أجل النصارى. . . إلخ.
(¬10) كذا في العين 6/ 280 وغريب أبي عبيد 3/ 322 وفعلت وأفعلت للزجاج 54 والمخصص 14/ 241 وتهذيب اللغة 11/ 404.
(¬11) انشدوا على "شور":
كَأْن جَنِبًا مِنَ الزَّنْجَبِيـ ... ــل بَاتَ بِفيْهَا وَأرْيَا مَشُورَا
وهو للأعشى
(¬12) عدى بن زيد. ديوانه 95 والمراجع السابقة. وصدره: "فِي سَمَاعٍ يَأذَنُ الْشَّيْخُ لَهُ".
(¬13) في تفسير غريب القرآن: 32.
(¬14) خ: جريه وخبره. والمثبت من تفسير الغريب للعزيزى. وفي نوادر أبي زيد 541، 542 شورتها تشويرا وشرتها أشورها شورا. وأضاف ثعلب في مجالسه 228: وأشرتها وهى قليلة. وانظر العين 6/ 281 وتهذيب اللغة 11/ 406 وغريب الخطابى 1/ 435 واللسان (شور 2357) والمصباح (شور).
(¬15) لم أعثر له على قائل.

الصفحة 56