كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَقَالَ أَهْلُ النَّحْوِ (¬36): مَعْنَاهُ: الله. أكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَىءٍ، فَحُذِفَتْ مِنْ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا كَمَا تَقُولُ: أبُوكَ أفْضَلُ، وَأخُوكَ أعْقَلُ، أيْ: أفْضَلُ، وَأَعْقَلُ. مِنْ غَيْرِهِ، قَالَ (¬37):
إِذَا مَا سُتُورُ البَيْتِ أُرْخِينَ لَم يَكُنْ ... سِرَاجٌ لَنَا إِلَّا وَوَجْهُكَ أنْوَرُ
أرَادَ: أنورُ مِنْ مِنْ غِيْره غَيْرهِ، وَذَلِكَ لِأنَّهُ خَبَرُ مُبتدَإٍ (¬38)، وَالْخَبَرُ: ومَا أفَادَ السَّامِعَ، وَلَا تَقَعُ الإفَادَةُ إلَّا بتقْدِيرِ المَحْذُوفِ. وَالأذان: مَوْقُوفٌ سَاكِنٌ.، قال الْمُبَّردُ (¬39): فإذا وَصَلتَ قُلْتَ: اللهُ أكْبَرَ اللهُ أكْبَرَ. بِفتْحِ الرَّاءِ الأولَي، فَتَحَوَّل فَتْحَةَ الْهَمْزَةِ (¬40) مِنْ اسْمِ اللهِ إلَى الرَّاءِ وَتُحَرَّكهَا بِحَرَكَتِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {الم (1) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (¬41) بِفَتْحِ الْمِيمِ لّمَّا وُصِلَ وَكَانَ "أَلَم" سَاكِنًا.
قَوْلُهُ: "أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِله إِلَّا اللهُ"، قَالَ ابنْ الْانْبَارىِّ (¬42): مَعْنَاهُ: أَعْلَمُ أَن (¬43) لَّا إله إِلَّا الله وَأبَيَّنُ أَنَّ أَنَّ لَا إِله إِلَّا اللهُ" وَلِهَذَا سُميَت الْشَّهَادَةُ بَيِّنَةً. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (¬44): {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (¬45) مَعْنَاهُ: بَيَّنَ اللهُ ذلِكَ وَأَعْلمَ أَنَّه لَا إِله إِلَّا هُوَ. وَشَهِدَ الشَّاهِدُ بِالحَقٌ عِنْدَ الحَاكِم، مَعْنَاهُ: بَيَّنَ لِلْحَاكِمِ وَأَعْلمَهُ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخبَرِ.
قَوْلُهُ: "أشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ" قَالَ أَبُو بَكْر (¬46): مَعْنَاهُ أيْضًا: أُبَيِّنُ وَأَعْلَمُ.
قَوْلُهُ (¬47): "مُحَمَّدًا" اسْمٌ عَرَبِىٌّ تَسْتَعْمِلُهُ الْعَرَبُ فِي الْمُسْتَغرِقِ لِجَمِيع الْمَحَامِدِ؛ لِأنَّ الْحَمْدَ لَا يّسْتَوجِبُهُ إِلَّا الْكَامِل. وَالتَّحْمِيدُ (قَوْلُكَ) (¬48) الحَمْدُ، وَلَا يسْتَحِقُّهُ إِلَّا الْمُستَوْلِى عَلَى الأمْرِ: الْكَمَال. وَالُمُحَمَّدُ: الَّذِى يُحْمَدُ كَثِيرًا، وَينسَبُ إلَى الْحَمْدَ (¬49).
قَال زُهَيْرٌ (¬50):
. . . . . . . . . . ... ثِمَالْ الْيَتَامَى فِي السِّنِينَ مُحَمَّدُ
فَأَكْرَمَ اللهُ نّبِيَّهُ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (¬51) بِاسْمٍ مُشْتَقٌ مِنْ اسْمِهِ تَعَالَى. وّفِى ذَلِكَ يَقُولُ حَسَّانُ (¬52):
وَشَقَّ لَهُ مِنْ اسْمِهِ كَىْ يُجِلَّهُ ... فّذُو العَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ
قَوْلُهُ: "رَسُولُ اللهُ" الرَّسُولُ مَعْنَاهُ فِي اللُّغةِ: الَّذِى يُتَابعُ الأخبَارَ مِنَ الَّذِى بَعَثَهُ، أَخْذًا مِنْ قَوْلهِمْ:
¬__________
= وأول خلقه نطفة ثم من علقة ثم من مضغة. ونقله ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن 341 وانظر في الرد عليه مجاز القرآن وتفسير القرطبى.
(¬36) علق ابن الأنبارى بأن المقصود: الكسائي والفراء وهشام. الزاهر 1/ 123 وانظر خزانة الأدب 8/ 242 - 247 والكامل 2/ 307 - 309.
(¬37) ورد من غير نسبة في معانى الفراء 2/ 83 والزاهر لابن الأنبارى 1/ 124 وشرح القصائد السبع الطوال 467 وخزانة الأدب 8/ 244 والأزهية في علم الحروف 239.
(¬38) ع: خبر مسند.
(¬39) المبرد: ليس في ع.
(¬40) خ: الألف. والمثبت من ع وكلا الإطلاقين صحيح غير أنّه قرئ "ألله" بهمزة القطع، كما سيأتى.
(¬41) سورة آل عمران آية 1، 2 قال الفراء: قرأت القراء (ال م الله) في آل عمران، ففتحوا الميم؛ لأن الميم كانت مجزومة لنية الوقف عليها. . فتركت العرب همزة الألف من (ألله) فصارت فتحتها في الميم لسكونها. وقد قرأها الرؤاسي (ألَم ألله) بقطع. . وبلغنى عن عاصم أنّه قرأ بقطع الألف. معاني القرآن 1/ 9 وانظر مجاز القرآن 1/ 28 وتأويل مشكل القرآن 230 - 239 ومعاني القرآن للزجاج 1/ 21 - 30، 373، والكشف 1/ 64 والزاهر 1/ 126.
(¬42) في الزاهر 1/ 125.
(¬43) خ: أنه. والمثبت من ع واللسان (شهد) وفي الزاهر: أنه.
(¬44) خ: تعالى.
(¬45) سورة آل عمران آية 18.
(¬46) الزاهر 1/ 127.
(¬47) من ع.
(¬48) خ: قول.
(¬49) انظر العين 3/ 188 والزاهر 2/ 84، 129، 130، والاشتقاق 8 وتهذيب اللغة 4/ 435، 536 والمحكم 198، 199.
(¬50) ديوانه بشرح ثعلب 233 وصدره: أليس بفياض يداه غمامة ... . . . . . . . . . . . . .
(¬51) زيادة من حاشية خ.
(¬52) ديوانه 1/ 306 والخزانة 1/ 223.

الصفحة 58