كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

خُصُوصِ (¬23) الْمُثْنى (¬24).
وَالشُّكْرُ: (ثَنَاءُ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ مُكَافَأَةً لِلْمُحْسِنِ عَلَى إِحْسَانِهِ إِلَيْهِ) (¬25). وَقَدْ يُوْضَعُ الْحَمْدُ مَكَانَ الشُّكْرِ تَقُولُ: حَمِدْتُهُ عَلَى "مَعْرُوفِهِ، وَشَكَرْتُهُ أَيْضًا، وَحَمِدْتُهُ عَلَى" (¬26) شَجَاعَتِهِ، وَلَا تَقُلْ (¬27): شَكَرْتُهُ عَلَى شَجَاعَتِهِ (¬28) (وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ إِلَّا أَنَّ الْحَمْدَ أَعَمُّ؛ لأنَّكَ تَحْمَدُ عَلَى الصِّفَاتِ وَلَا تَشْكُرُ) (¬29) (¬30) (وَفِي الْحَدِيثِ: "الْحَمْدُ رَأَسُ الشُّكْرِ" (¬31) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (¬32).
قَوْلُهُ: "الَّذِي (¬33) وَفَّقَنَا" أَصْلُ (32) التَّوْفِيقِ: مِنَ المُوَافَقَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ، كَالالْتِحَام. وَوَافَقْتُهُ، أَيْ: صَادَفْتُهُ مُوَافِقًا (¬34). قَوْلُهُ: "وَهَدَانَا" أَيْ (¬35): دَلَّنَا. وَالْهُدَى هَا هُنَا (¬36): الرَّشَادُ والدِّلَالَةُ. يُذَكَّرُ وَيُؤَنثُ (¬37). يُقَالُ: هَدَيتهُ إِلَى الطَّرِيقِ، وإلى الدَّارِ، وَأهْلُ الحِجَازِ يَقُولُونَ: هَدَيتهُ الطَّرِيقَ وَالدَّارَ هِدَايَةً، أَيْ: عَرفْتُهُ. وَالأؤَلُ حَكَاهُ الْأخْفَشُ (¬38).
قَوْلُهُ: "لِذِكْرِهِ" أَيْ: تَمْجِيدِهِ، وَتَنْزِيهِهِ، وَالثَّناَءِ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: "وَصَلَوَاتُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ (¬39) خَيْرِ خَلّقِهِ "أَيْ: رَحْمَتُهُ ومغْفِرَتُهُ. وَالصَّلَاةُ مِنَ الله: هِيَ الرَّحْمَةُ، وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ: الاسْتِغْفَارُ، وِمَنَ النَّاس: الدُّعَاءُ (¬40). وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِهِ تَعَالَي: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56)} (*).
قَوْلُهُ (¬41): "هَذَا كِتَابٌ" هَذَا: إِشَارَة إلَى مَا يَتَحَققُ وُجُودُهُ، وَإِن لَّمْ يُوجَدُ فِي الْحَالِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ} (¬42) وَ {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} (¬43) وَ {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ} (¬44). وَالْيَوْمُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْحَالِ، أو يَكُونُ الشَّيْخُ بَدَأ بِتَألِيفِ الْكِتَابِ، ثُم أَثْبَتَ الْخُطبةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأشَارَ إلَى مَوْجُودٍ (¬45).
قَوْلُهُ: "كِتَابٌ" أصْلُ الْكِتَابِ: مَا كَتَبَ الله فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ مِمَّا هُوَ كَائِنٌ، تَقولُ: كَتَبْتُ الكِتَابَ: إِذَا جَمعتَ حَرْفًا إلَى حَرْفٍ، وَكُلُّ مَا جَمَعْتَهُ فَقَدْ كَتَبْتَهُ، وَمِنْ هَذَا سُمَّيَت الْكَتِيبَةُ مِنَ الْعَسْكَرِ، لأَنهَا تَكَتبَّتْ وَاجْتَمَعَتْ. وَسُميَتْ آثارُ الْخَرْزِ وَالْخِيَاطَةِ كُتْبَةً (¬46) لِهَذَا؛ لأنَّهَا تَجْمَعُ بَيْنَ الجِلْدَيْنِ وَالْقِطعَتَيْنِ
¬__________
= 2/ 302، 343 وغريب الخطابي 1/ 311 والنهاية 1/ 252.
(¬23) خصوص ليس في خ.
(¬24) كذا في الزاهر 2/ 84 والفروق اللغوية 35 والفائق 1/ 314 والنهاية 2/ 493.
(¬25) ما بين القوسين من خ وفي ع: والشكر: مجازاة للمحسن على إحسانه.
(¬26) ما بين القوسين من خ وفي ع: تقول حمدته على شجاعته يعنى: أثنيت على شجاعته، كما تقول: شكرته على شجاعته.
(¬27) ع: كما تقول بدل المثبت.
(¬28) قال ابن الأنبارى: العرب تقول: حمدت فلانا على حسن خلقه وشجاعته وعقله ولا يقولون: شكرت فلانا على حسن خلقه وعقله وشجاعته. الزاهر 2/ 85 وقال ابن قتيبة: ولا يوضع الشكر موضع الحمد. أدب الكاتب 32.
(¬29) ما بين القوسين من ع. وفي خ: فالحمد عام والشكر خاص وفي الحديث. . . وانظر الزاهر وغريب الخطابي 1/ 346 وتفسير الطبري 1/ 135 - 137.
(¬30) ما بين القوسين ليس في ع.
(¬31) غريب الخطابي 1/ 346 والفائق 314 والنهاية 1/ 437.
(¬32) بينهما: ليس في ع.
(¬33) الذى، أصل: ليس في ع.
(¬34) عن الصحاح (وفق) وانظر العين 5/ 225، 226 والمحكم 6/ 361 واللسان (وفق 4884).
(¬35) أى: ليس في خ.
(¬36) ع: هنا.
(¬37) بنو أسد يؤنثونه ويقولون: هذه هدى حسنة. المذكر والمؤنث للفراء 87 وللمفضل 56 وابن التسترى 109.
(¬38) عن الصحاح (هدى) وقد حكى الأخفش اللغتين في معاني القرآن 1/ 16. وانظر المصباح (هدى).
(¬39) محمد: ليس في خ.
(¬40) الزاهر 1/ 138.
(*) سورة الأحزاب آية 56.
(¬41) في المهذب 1/ 3: هذا كتاب مهذب تذكر فيه أصول مذهب الشافعي رحمه الله بأدلتها، وما تفرع على أصوله من المسائل المشكلة بعللها.
(¬42) سورة الروم آية 56.
(¬43) سورة الصافات آية 21.
(¬44) سورة المرسلات آية 35.
(¬45) أنظر تفسير الطبري 1/ 225 في تفسير (ذلك الكتاب).
(¬46) ع: كتيبة: تحريف. والكتبة: الخرزة التى ضم السير كلا وجهيها.: قال اللحياني: الكُتْبَةُ السير الذى تخرز به المزادة والقربة. المحكم 6/ 483.

الصفحة 6