كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَزَادَ بَعْضُهُمْ: السَّبْحَلَةَ، وَالْحَمْدَلَةَ: حِكَايَةُ قَوْلِ: سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ لله (¬79). وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الطَّلْبَقَةَ، وَالدَّمْعَزَةَ: حِكَايَةُ قَوْل الْقَائِل: أطَالَ الله بَقَاءَكَ، وَأدَامَ عِزَّكَ (¬80).
وَزَادَ بَعْضُهُمُ الْجَعْفَلَةَ: حِكَايَةُ قَوْل الْقَائِلِ: جُعِلْتُ فِدَاكَ (¬81).
قَوْلُهُ: "الْفَلَاحُ" الْبَقَاءُ، أَيْ: هَلُمُّوا إلَى العَمَلِ الَّذِى يُوجِبُ الْبَقَاءَ، أَيْ: الْخُلُودَ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (¬82) أَيْ: الْبَاقُونَ.
قَالَ (¬83):
لِكُلِّ ضِيِقٍ مِنَ الْأمورِ سَعَة ... وَالْمُسْىُ وَالصُّبْحُ لَا فَلَاحَ مَعَهْ
وَقَالَ الآخَر (¬84):
لَوْ كَانَ (¬85) حَىٌّ مُدْرِكَ الْفَلَاحِ ... أدْرَكَهُ مُلَاعِبُ الرِّمَاحِ
التَّثْوِيبُ: الرُّجُوعُ إلَى الشَّىءِ بَعْدَ الْخُرُوج مِنْهُ، مُشْتَقٌّ مِنْ ثَابَ فُلَانٌ إلَى كَذَا أَيْ (¬86) رَجَعَ إلَيْهِ، وَثوَّبَ الدَّاعِى: إِذَا كَرَّرَ ذَلِكَ (¬87)، وَيُقَالُ: ثَابَ عَقْلُهُ إلَيْهِ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ (¬88):
وَكُلُّ حَىٍّ وَإنْ طَالَت سَلَامَتُهُ ... يَوْمًا لَهُ مِنْ دَوَاعِى الْمَوْتِ تَثْوِيبُ
لِأنَّهُ (¬89) عَادَ إلَى ذِكْرِ الصَّلَاةِ بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْهْ، وقَدْ ذَكُروا أنَّ (¬90) أَصْلَهُ: أن مَنْ دَعَا لَوَّحَ بِثَوْبِهِ. فَقَالُوا (¬91): ثَوْبَ، فَكَثُرَ حَتَّى سُمَّىَ الدَّعَاءُ تَثْوِيبًا (¬92)، قَالَ (¬93):
. . . . . . . . . . . . . ... إِذَا الْدَّاعِى الْمُثَوِّبُ قَالَ يَالَا
قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ" يُقَالُ: الْمُخايَرَةُ وَالْمُفَاضَلَةُ تَكُونُ بَيْنَ مُتَفَاضِلَيْن أوْ مُتَسَاوِيَيْنِ؛ لِأنَّ لَفْظَةَ "أفْعَلَ" تُستعْمَلُ فِي شَيْئَيْنِ يَشْتَرِكَانِ فِي الْفِعْلِ، وَيَكُونُ لِأحَدِهِمَا عَلَى الآخَر مَزِيَّةٌ، فَكَيْفَ يُقَالُ "الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِّنَ النَّوْمِ؟ وَمَعْلُوْمٌ أَنَّ النَّوْمَ لَيْسَ مُسَاوِيًا للصَّلَاةِ، وَلَا مُفَاضِلًا لَهَا، فَيَحَتَمِلُ أن يَكُونَ هَا هُنَا مَحْذُوف تَقْدِيرُهُ: الْيَقَظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيرٌ مِّنَ النَّوْمِ.
وَقِيلَ: إِنَّ النَّوْمَ فِيهِ الرَّاحَةُ، وَهِيَ مَعْنَى السُّبَاتِ الَّذِى مَنَّ الله بِهِ عَلَى عِبَادِهِ بِقَوْلِهِ: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} (¬94): أَيْ: رَاحَةً لِأبْدَانِكُمُ (¬95). فَمَعْنَى "الصَّلاة خَيرٌ مِّنَ النَّوْمِ" أَيْ: الرَّاحَةُ الَّتى تَعْتَاضُونَهَا يَوْمَ
¬__________
(¬79) تهذيب اللغة 3/ 373.
(¬80) المزهر 1/ 483.
(¬81) تهذيب اللغة 3/ 373 والمزهر 1/ 484 ذكرها الأزهرى الجعفلة وفي المزهر: الجعفلة، قال: وقولهم الجعفلة باللام خطأ. عن ابن دحية في التنوير. وهى مصححة في حاشية خ جعلفة.
(¬82) ع: فأولئك تحريف. والآية 5 من سورة البقرة. وانظر مجاز القرآن 1/ 29، 30 ومعانى القرآن للزجاج 1/ 39 وتفسير الطبرى 1/ 250.
(¬83) الأضبط بن قريع، كما في الزاهر 1/ 131 واللسان (مسى 4206).
(¬84) خ: آخر: وهو لبيد ديوانه 333 والزاهر 1/ 134 وثمار القلوب 102.
(¬85) ع أن.
(¬86) ع: إذا.
(¬87) الزاهر 1/ 143 وغريب الخطابى 1/ 715، 716 والفائق 1/ 180، 181 والغرببين 1/ 305، 306.
(¬88) جنوب الهذلية ديوان الهذليين 3/ 120 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 24.
(¬89) خ: ولأنّه عاد، وع: دعا.
(¬90) ساقطة من خ.
(¬91) خ: فيقال.
(¬92) الغربيين 1/ 305 والفائق 1/ 180، 181.
(¬93) زهير بن مسعود الضبى كما في نوادر أبي زيد 185 وشواهد المغنى 595 والخزانة 2/ 6 ونسبه في الزاهر 1/ 236 إلى الفرزدق ومثله في اللسان (عتق). وليس لى ديوانه. وصدره:
فخير نحن عند الناس منكم ... . . . . . . . . . . . . .
(¬94) سورة النبأ آية 9.
(¬95) تفسير غريب القرآن 508 ومجاز القرآن 2/ 282 وتحفة الأريب 155.

الصفحة 60