كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَفَتْحُ الْمِيمِ لَا غَيْرُ (¬55) وَلَا يُقَالُ مَقْبِرَةٌ بِكَسْرِ البْاءِ.
قَوْلُهُ: "سَبْعَةُ مَوَاطِنَ" جَمْعُ مَوْطِنٍ، وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِى يُسْكَنُ (¬56) فِيهِ، وَكَذَا الْوَطَنُ. يُقَالُ: أوْطَنتُ الْأرْضَ وَوَطَّنْتُهَا تَوْطِينًا (¬57) وَاسْتَوَطَنْتُهَا، أَيْ: اتَّخَذْتُهَا وَطَنًا، وَكَذَلِكَ الإتِّطَانُ افْتِعَالٌ مِنْهُ (¬58).
قَوْلُهُ: "فَوْقَ بَيْتِ اللهِ العَتِيقِ": يَعْنى سَطحَ الْكَعْبَةِ، وَسُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ قَدِيمٌ. وَالْعَتِيقُ مِنْ كُلِّ شَيْىء: الْقَدِيمُ؛ لِأنَّهُ خُلِقَ قَبْلَ خَلْقِ الأرْض فِي بَعْض الأقْوَالِ (¬59)، ثُمَّ أَنْزِلَ إِلَى الْأرْض. وَقِيلَ: لِأنَّ اللهَ تعَالَى أَعْتَقَهُ مِنْ جَبَابِرَةِ الْمُلُوكِ، فَلَمْ يُسَلِّطْهُمْ عَلَى هَدْمِهِ (¬60). وَقَدْ رَامَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَأهْلَكَهُ (¬61) اللهُ كَأبْرَهَةَ صَاحِبِ الْفِيلِ وَأصْحَابِهِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ الله فِي كِتَابِهِ (¬62) وَرَوَى عَبْدُ اللهُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ النَّبِىِّ صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِنَّمَا سَمَّى اللهُ عَزَ وَجَلَّ الْبَيْتَ العَتِيقَ؛ لِأنَّ الله تَعَالَى أَعْتَقَهُ مِنَ الْجَبَابِرَةِ، فَلَمْ يَظْهَر عَلَيْهِ جَبَّارٌ قَطّ".
وَقَال مُجَاهِدٌ: سُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ لَمْ يُمْلَكْ قَط. وَقَالَ ابْنُ السَّائِبِ: سُمِّىَ عَتِيقًا؛ لِأنَّهُ أُعْتِقَ مِنَ الْغَرَقِ زَمَانَ الطَّوَفَان (¬63).
وَأَمَّا الْحَمَّامُ فَإِنَّهُ سُمِّىَ بِذَلِكَ؛ اشْتِقَاقًا مِنَ الْمَاءِ الْحَمِيمِ، وَهُوَ: الْحَارُّ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: {فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ} (¬64) أَيْ: الْحَارِّ.
قَوْلُهُ: "كَالصَّحَرَاءِ" (¬65) هِىَ الْبَرِّيَّةُ، يُقَالُ: صَحْرَاءُ وَاسِعَةٌ، وَلَا تَقُلْ (¬66): صَحْرَاءَةٌ، فَتُدْخِلُ تَأنِيثًا عَلَى تَأنِيثٍ، وَالْجَمْعُ: الصَّحَارَى وَالصَّحْرَاوَات (¬67).
قَوْلُهُ: "تَجَافَى عَنِ النَّجَاسَةِ" (¬68) أى: ارْتَفَعَ عَنْهَا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعَالَى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} (¬69) أَيْ: تَرتَفِعُ (¬70). وَجَفَا السَّرْجُ عَنْ ظَهْرِ الْفَرَس، وَأجْفَيْتُه أنَا: إِذَا رَفعْتُهُ عَنْهُ، وَجَافَاهُ عَنِّى فَتَجَافَى (¬71).
قَوْلُهُ: "وَأَوْمَأ" (¬72) (يُقَالُ: أوْمَأ) (¬73) برَأسِهِ بِالْهَمْزِ، وَأشَارَ بِيَدِهِ، وَأوْمَأتُ إِلَيْهِ: أشَرْتُ. وَلَا
¬__________
(¬55) السابقان وتهذيب اللغة 9/ 238.
(¬56) ع: سكن.
(¬57) توطينا: ساقط من ع.
(¬58) اللسان (وطن 4868).
(¬59) في تهذيب اللغة 1/ 209 قال الحسن: هو البيت القديم ودليله قول الله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} [آل عمران: 96] وكذا في العين 1/ 166 والمحكم 1/ 101 وتفسير الطبرى 17/ 110 واللسان (عتق 2799).
(¬60) تهذيب اللغة 1/ 209 والمحكم 1/ 101 وتفسير الطبرى 17/ 110 واللسان (عتق 2799). وتفسير غريب القرآن 292.
(¬61) ع: وأهلكه.
(¬62) في قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)}.
(¬63) تهذيب اللغة 1/ 209 والاشتقاق 49، 50 وتفسير الطبرى 17/ 110 وتفسر غريب القرآن 292 والمحكم 1/ 101 واللسان (عتق 2799).
(¬64) سورة الواقعة آية 54. وفي خ: قال سبحانه: {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ حَمْيمٍ} والآية في سورة إبراهيم {وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ} آية 16.
(¬65) في المهذب 1/ 62: وإن كانت النجاسة في بيت وخفى عليه موضعها، قال بعض أصحابنا: يصلى فيه كالصحراء: وليس بشئ.
(¬66) خ: يقال.
(¬67) بكسر الراء مثقل الياء: لأنك تدخل ألف الجمع بين الحاء والراء، وتكسر كما تكسر ما بعد ألف الجمع نحو مساجد ودراهم فتنقلب الألف الأولى التى بعد الراء ياء للكسرة التى قبلها وتنقلب ألف التأنيث ياء أيضًا للكسرة قبلها فيجتمع ياءان فتدغم إحداهما في الأخرى. ويجوز التخفيف مع كسر الراء وفتحها. ولا يقال صحراء بهاء بعد همزة؛ لأنّه لا جمع على الأسم علامتا تأنيث. المصباح والصحاح (صحر) واللسان (صحر 2403) وانظر العين 3/ 114 والمحكم 3/ 105.
(¬68) في المهذب 1/ 62: وإن حبس في حبس ولم يقدر أن يتجنب النجاسة في قعوده وسجوده تجافى عن النّجاسة وتجنبها. . . إلخ.
(¬69) سورة السجدة آية 16.
(¬70) مجاز القرآن 2/ 132 وتفسر غريب القرآن 346 ومعانى القرآن 2/ 331.
(¬71) في اللسان (جفو 646: وجافاه عنه فتجافي وانظر العين 6/ 189، 190 والمحكم 7/ 388.
(¬72) في المهذب 1/ 62: وأومأ في السجود إلى الحدّ الذى لو زاد عليه لاقى النجاسة.
(¬73) ما بين القوسين ساقط من خ.

الصفحة 67