كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَمِنْ بَاب اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ
الْقِبْلَةُ: مَأخُوذَةٌ مِنْ قَابَل الشَّيْىءُ الشَّيْىءَ: إِذَا حَاذَاهُ. وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ: إِذَا حَاذَاهُ بِوَجْهِهِ. وَأصْلُهُ: مِنَ القُبُل: نَقِيضُ الدُّبُرِ. قَالَ الْهَرَوِىُّ (¬1): سُمِّيَت الْقِبْلَةُ قِبْلَة؛ لِأنَّ الْمُصَلِّىَ يُقَابِلُهَا وَتُقَابِلُهُ (¬2).
قَوْلُهُ تَعَالَى (¬3): {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ (الْحَرَامِ)} (¬4) أيْ: (اسْتَقْبِلْهُ) (¬5) وَاجْعَلْهُ مِمَّا يَلِيكَ. وَقِيلَ: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} أيْ: أَقْبِلْ وجْهَكَ. وَوَجِّة وَجْهَكَ (¬6) وَكَذَلِكَ (¬7) قَوْلُهُ: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} (¬8) أَيْ: مُسْتَقْبِلُهَا (¬9). وَ {شَطْرَ الْمَسْجِدِ} أَيْ: نَحْوَهُ وَتِلْقَاءَهُ.
قَالَ الشَّاعِرُ (¬10):
ألَا مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرًا رَسُولًا (¬11) ... وَمَا تُغْنِى الرِّسَالَةُ شَطرَ عَمْرِو
أَيْ: نَحْوَهُ.
وَقَالَ أَيْضًا (¬12):
أقِيمِى أُمَّ زِنْبِاعٍ أَقِيمِى ... صُدُورَ العِيسِ شَطْرَ بَنى تَمِيمِ
وَنُصِبَ "شَطْرَ" عَلَى الظَّرْفِ (¬13) والمعنى إِلى شَطْر المَسْجِدِ الحَرَامِ.
قَوْلُهُ: بِحَضْرِةِ الْبَيْتِ (¬14) أيْ: بِقُرْبهِ، مِنَ الْحُضُورِ: ضِدُّ الْغَيْبَةِ.
قَوْلُهُ: "فَإنَّ أَخْبَرَهُ مَنْ يُقْبَلُ خَبَرُهُ عَنْ عِلْمٍ" (¬15) هُوَ أن يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْ سَطْحٍ أوْ رَأَسِ جَبَلٍ فَيُخْبِرَهُ.
قَوْلُهُ: "مَحَارِيبُ الْمُسْلِمِين" (¬16) أصْلُ الْمحْرَابِ: الْمَكَانُ الرَّفِيعُ، وَالْمَجْلِسُ الشَّرِيفُ؛ لِأنَّهُ يُدَافَعُ عَنْهُ، وَيُحَارَبُ دُونَهُ. وَقِيلَ: مِحْرَابُ الأسَدِ لِمَأوَاهُ. وَيُسَمَّى الْقَصْرُ وَالْغُزفَةُ مِحْرَابًا، قَالَ (¬17):
رَبَّةُ مِحْرَابٍ إِذَا جِئْتَهَا ... لَمْ ألْقْهَا أَوْ أرْتَقِى سُلَّمَا
¬__________
(¬1) في الغريبين 3/ 64.
(¬2) أنظر العين 5/ 166 - 168 والمحكم 6/ 261 - 266 واللسان (قبل 3516) والمصباح (قبل).
(¬3) ع: -عز وجل-.
(¬4) سورة البقرة الآيات 144، 149، 150. و {الْحَرَامِ} ليس في خ.
(¬5) خ: استقبل.
(¬6) معانى القرآن 1/ 84، 85 ومجاز القرآن 1/ 60 ومعانى الزجاج 1/ 204 وتفسير غريب القرآن 65.
(¬7) ع: وكذا.
(¬8) سورة البقرة 148.
(¬9) المراجع تعليق (6).
(¬10) لم أهتد اليه.
(¬11) رسولا ساقط من ع.
(¬12) أبو زنباع الجذامى كما في اللسان (شطر 2263) وروايته: "أقُول لِأمِّ زِنْبَاع أَقِيمِى".
(¬13) معانى الزجاج 1/ 204 ومعانى الفراء 1/ 84.
(¬14) في المهذب 1/ 67: فإن كان بحضرة البيت لزمه التوجه إلى عينه.
(¬15) في ع: "فإن أخبره رجل من يقبل خبر رجل عن علم" وفي خ: فإن أخبره رجل عن علم". والمثبت نصّ المهذب 1/ 67 في جاهل مكان البيت.
(¬16) في المهذب 1/ 67: فإن رأى محاريب المسلمين في موضع صلى إليها.
(¬17) وضاح اليمن كما ذكر أبو عبيدة في مجاز القرآن 2/ 144 وابن دريد في جمهرة اللغة 1/ 219 ومثله في اللسان (حرب 817).

الصفحة 74