كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

فَمِحْرَابُ الْمَسْجِدِ: أشْرَفُ مَوْضِع فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الْأنْبَارِىِّ (¬18) عَنْ أحْمَدَ بْنِ عُبَيْدٍ: سُمِّىَ مِحْرَابًا؛ لِانْفِرَادِ الإِمَامِ، فِيهِ، وَبُعْدِهِ عَنِ الْقَومِ،. وَمِنْهُ يُقَال: هُوَ حَرْبٌ لِفُلَانٍ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا تَبَاعُدٌ وَبُغْضٌ (¬19). وَيَحْتَمِلُ أن يَكونَ مِحْرَابًا؛ لِأنَّ الإمَامَ إِذَا قَامَ [فِيهِ] (¬20) لَمْ يَأَمنْ أنْ يَلْحَنَ أوْ يُخْطِىِّ، فَهُوَ خَائِفٌ. فَكَأنَّهُ مَأوَى الْأسَدِ (¬21).
قَوْلُهُ: "لِعَدَمِ الْبَصِيرَةِ" (¬22) هِىَ الاسْتِبْصَارُ بِالشَّيْيِّ وَتَأمُّلُهُ بِالْعَقْلِ. وَالْبَصِيرَةُ أيْضًا: الحُجَّةُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ} (¬23) أيْ: هُوَ حُجَّةٌ عَلَى نَفْسِهِ (¬24).
قَوْلُهُ: "وَلَا يَسَعُ بَصِيرًا أنْ يُقَلِّدَ" (¬25) مَعْنَاهُ: لَا يُوَسَّعُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ. بَلْ هُوَ فِي ضِيقٍ وَحَرَجٍ عَنِ الْجَوَازِ (¬26). يُقَالُ: وَسِعَهُ الشَّيْيِّ، بِالْكَسْرِ، يَسَعُهُ وَيَسِعُهُ (27) (سَعَةً) (¬27).
وَيُقَالُ: لَا يَسَعُنى شَيْىْءٌ وَيَضِيقُ عَنْكَ، أَيْ: وَأنْ يَضِيقَ عَنْكَ. بَلْ: مَتَى وَسِعَنى شَىْءٌ وَسِعَكَ (¬28)، وَأصْلُهُ: يَوْسِعُ، وَإِنَّمَا سَقَطَت الْوَاوُ؛ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ فِي الأصْلِ.
قَوْلُهُ: "وَالْتِحَامُ الْقتَالِ" (¬29) هُوَ تَقَارُبُ الْمُتَقَاتِلِينَ وَتَلاصُقُهُمْ (¬30)، مِنَ ألْحَمْتُ الشَّيْيِّ إِذَا ألْصَقْتَهُ: الْمَلْحَمَةُ: الْوَقْعَةُ الْعَظِيمَةُ في الْحَرْبِ.
قَوْلُهُ: "وَالدَّابَّةُ حَرُونٌ" (¬31) الْحَرُونُ: الَّذِى لَا يَنْقَادُ. وَإِذَا اشْتَدَّ الْجَرْىُ وَقَفَ. وَقَدْ حَرَنَ يَحْرُنُ حُرُونًا، وَحَرُنَ (¬32)، بِالضَّمِّ. وَالاسْمُ: الحُرَانُ (¬33).
قَوْلُهُ: "فَرَكَزَ عَنَزَةً" (¬34) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬35): الْعَنَزَةُ: مِثلُ نِصْفِ الرُّمْحِ أَوْ أكْبَرُ شَيْئًا وَفِيهَا (¬36) سِنَانٌ مِثْلُ سِنَانِ الرَّمْحِ.
قَوْلُهُ: "وَادْرَءُوا مَا اسْتَطعْتُمْ" (¬37) الدَّرْءُ: الدَّفْعُ. يُقَال: دَرَأهُ يَدْرَؤُهُ: إذَا دَفَعَهُ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ} (¬38) أَيْ: تَدَافَعْتُمْ (¬39). قَالَ (¬40):
تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِى ... أهَذَا دِيِنُهُ أبَدًا وَدِينِى
¬__________
(¬18) الزاهر 1/ 541.
(¬19) خ: وبغضا: خطأ.
(¬20) زيادة من اللسان.
(¬21) في اللسان: فهو خائف مكانا كأنه مأوى الأسد، والمحراب مأوى الأسد. وانظر العين 3/ 214 وتهذيب اللغة 5/ 23 والمحكم 3/ 235 وجمهرة اللغة 1/ 219.
(¬22) في المهذب 1/ 68: لا فرق بين أن لا يعرف لعدم البصر، وبين أن لا يعرف لعدم البصرة.
(¬23) تعالى: ساقطة من ع.
(¬24) سورة القيامة آية 14 قال الفراء: على الإنسان من نفسه رقباء يشهدون عليه بعمله: اليدان والرجلان والعينان والذكر. معانى القرآن 3/ 211 وانظر تفسير غريب القرآن 500.
(¬25) في المهذب 1/ 68: ولا يسع بصيرا أن يقلد غيره؛ لأنّه يمكنه الاجتهاد.
(¬26) في العين 2/ 202 أى: لست منه في سعة.
(¬27) ويسعه: ليس في ع. وما بين القوسين من ع. وفي المحكم 2/ 220 وَسِعَهُ يَسَعُه وَيَسِعُه سَعَةً وهى قليلة يعنى فَعَل يفعِل. وكذا في اللسان (وسع 4835) وفي المصباح: قيل: الأصل في المضارع الكسر ولهذا حذفت الواو لوقوعها بين ياء مفتوحة وكسرة، ثم فتحت بعد الحذف المكان حزف الحلق. وانظر شرح الشافية 1/ 120.
(¬28) اللسان (وسع 4835).
(¬29) في المهذب 1/ 69 فأما في شدة الخوف وإلتحام، القتال فيجوز أن يترك القبلة إذا اضطر لتركها.
(¬30) ع: والتصاقهم.
(¬31) في المهذب 1/ 69: فإن كان في قطار أو منفردا والدابة حرون يصعب عليه إدارتها صلى حيث توجه.
(¬32) ع: الحرن: تحريف والمثبت من خ والمحكم 3/ 227 واللسان (حرن 851).
(¬33) في المحكم واللسان: حرَنت الدابة تحرُن حِرانا وحُرانا وحرُنت. وانظر المصباح (حرن) وتهذيب اللغة 5/ 8، 9.
(¬34) في المهذب 1/ 69: عن أبي صحيفة (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في حلة حمراء فركز عنزة فجعل يصلى إليها بالبطحاء يمر النَّاس من ورائها والكلب والحمار والمرأة.
(¬35) في كتاب السلاح 21 وعبارته: قدر نصف الرمح أو أكبر شيئا وفيها زج كزج الرمح. وانظر تهذيب اللغة 2/ 138.
(¬36) ع: وفيه.
(¬37) ع: فادرءوا. وفي المهذب 1/ 169: قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا يقطع صلاة المرء شيىء وادرءوا ما استطعتم".
(¬38) سورة البقرة آية 72.
(¬39) ع: فادافعتم. وفي معانى الزجاج 1/ 126: تدافعتم. وانظر مجاز القرآن 1/ 45 وتفسير غريب القرآن 54، 55.
(¬40) المثقب العبدى كما في اللسان (درأ 1349) والمفضليات 140 ط الرحمانية وروايته "تقول إذا".

الصفحة 75