كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "تَنْقُرُ نَقْرًا" (¬112) مَأخُوذٌ مِنْ نَقْرِ الطَّائِرِ (¬113)، (¬114) الحَبَّةَ.
قَوْلُهُ: "حَرَّ الرَّمْضَاءِ" (¬115) هِىَ شِدَّةُ حَرِّ الْأرْضِ مِنْ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ. وَقَدْ رَمِضَ يَوْمُنَا -بِالْكَسْرِ- يَرْمَضُ رَمَضًا - بِالتَّحْرِيكِ (¬116): اشْتدَّ حَرُّهُ. وَفِى الْحَدِيثِ: "صَلَاةُ الْأوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الْفِصَالُ مِنَ الضُّحَى" (¬117) يُرِيدُ: أنَّ صَلَاةَ الضُّحَى حِينَ يَجِدُ الْفَصِيلُ حَرَّ الشَّمْس مِنَ الرَّمْضَاءِ.
قَوْلُهُ: "فَلَمْ يُشْكِنَا" قَالَ الزَّمَخْشَرَىُّ (¬118): يَحْتَمِلُ أنْ يَكُونَ مِنَ الاشْكَاءِ، وَهُوَ إِزَالَة الشَّكَايَةِ فيحْمَلُ عَلَى (¬119) أَنَّهُمْ أرَادوا أن يُرَخَّصَ لَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فِي الرِّحَالِ، فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى ذَلِكَ. وَالَّذِى أرَادَ الشَّيْخُ أنَّهُ لَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي رَفْعِ اكُفِّهِمْ عَنِ الْأرْضِ (¬120). قَالَ ابْنُ الصَّبَاغِ: أرَادَ: لمْ يَقْبَلْ شِكَايَتَنَا.
قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬121): وَيَحْتَمِلُ أن يَكُونَ من الإِشْكَاءِ، الَّذِى هُوَ الْحَمْلُ عَلَى الشِّكَايَةِ، فَيُحْمَلُ (¬122) عَلَى أنَّهُمْ طَلَبُوا الإبردَ بِهَا فَأجَابَهُمْ فَلَمْ يَتْرُكْهُمْ ذَوِى شِكَايّةٍ (¬123).
قَوْلُهُ: "سَجَدَ عَلَى قُصَاصِ الشَّعَرِ" (¬124) قَالَ الْأصْمَعِىُّ (¬125): هُوَ حَيْثُ تَنْتَهِى نَبْتَتُهُ (¬126) مِنْ مُقَدَّمِهِ وَمُؤَخَّرِهِ (¬127) وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ: قُصَاصٌ؛ وَقَصَاصٌ؛ وَقِصَاصٌ، وَالضَّمُّ أَعْلَى (¬128).
قَوْلُهُ: "جَخَّ" وَيُرْوَى "جَخَّى" (¬129) قَالَ أبُو الْعَبَّاس (¬130): جَخَّى أَيْ: فَتَحَ عَضدَيْهِ بِالسُّجُودِ قَالَ: وَكَذلِكَ "جَخَّ". وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ "جَخَّى" فِي صَلَاتِهِ: إِذَا رَفَعَ بَطْنَهُ وَتَخوَّى وَقَالَ (¬131) في الفَائِقِ (¬132) أى: تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ متَجافيًا عَن الأرْض مِنْ قَوْلِهِمْ جَخَّى (¬133) الشَّبْخُ: إِذَا انْحَنَى مِنَ الْكِبَرِ، قَالَ:
لَا خَيْرَ فِي الشَّيْخِ إِذَا مَا جَخَّى ... وَسَالَ غَرْبُ (¬134) عَيْنِهِ وَلَخَّا (¬135)
قَالَ: وَرُوِىَ "جَخَّ" أَيْ: فَتَحَ عَضُدَيْهِ. وَرُوِىَ "كَانَ إِذَا صَلَّى جَخَّ" وَفُسِّر بِالتَّحَوُّلِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ. وَفَسَّرَ الشَّيْخُ "الْجَخَّ" بِالْخَاوِى (¬136)، وَهُوَ: الْخَالِى؛ لِأنَّهُ إِذَا فَتَحَ عَضُدَيْهِ، وَجَافَى بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ
¬__________
= الإنسان" في موضع "إن الأناسى؛ لأنه يستثنى الجميع من الواحد مجاز القرآن 2/ 310.
(¬112) ع: لقطها. والمثبت من خ واللسان (نقر 4518).
(¬113)
(¬114) خ: كأنه.
(¬115) في المهذب 1/ 76: روى خباب بن الأرت (ر) قال: شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا. وانظر الفائق 2/ 86 والنهاية 2/ 497.
(¬116) غريب الخطابى 1/ 454 والمصباح (رمض) واللسان (رمض 1729).
(¬117) صحيح مسلم - مسافرين 3/ 171 وغريب أبي عبيد 3/ 203، 4/ 494 والفائق 2/ 87 والنهاية 1/ 79، 2/ 264.
(¬118) في الفائق 2/ 86.
(¬119) ع فيحتمل: تحريف. والمثبت من خ والفائق.
(¬120) المهذب 1/ 76.
(¬121) الفائق 2/ 86.
(¬122) خ: فيحتمل: تحريف.
(¬123) في الفائق: ولم يتركهم دون شكاية.
(¬124) في المهذب 1/ 76: روى جابر (ر) قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر.
(¬125) في خلق الإنسان 169.
(¬126) ع: نبته.
(¬127) عبارة الأصمعى: وقصاص الشعر: منتهاه حين ينقطع من الرأس فيفضى إلى ما لا شعر فيه من الجلد من مقدم الرأس ومؤخره. ومثل المثبت في اللسان (قصص 3650) وانظر خلق الإنسان لثابت 54 وللزجاج 9 والعين 5/ 10 والمحكم 6/ 65.
(¬128) المثلث لابن السيد 2/ 349 والدرر المبثثة 169 والمحكم 5/ 65.
(¬129) في المهذب 1/ 76 روى البراء بن عازب (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد جخ وروى "جخى" والجخ: الخاوى. وانظر الفائق 1/ 191 والغريبين 1/ 322 والنهاية 1/ 242.
(¬130) تهذيب اللغة.
(¬131) ع: قال.
(¬132) 1/ 191.
(¬133) ع: جخ.
(¬134) خ: *وَاطْلَحَّ مَاءُ عَيْنِهِ وَلَخَّا* وليس هذا الشطر في الفائق.
(¬135) روى بعض هذه الأبيات ثعلب في مجالسه 2/ 383 والزجاج أماليه 121 والبغدادي في الخزانة 6/ 427، 428 من غير نسبه مع اختلاف الروايات.
(¬136) في المهذب 1/ 76.

الصفحة 82