كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "وَيُكْرَهُ الإِقْعَاءُ" (¬163) قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ (¬164): هُوَ أنْ يُلْصِقَ الرَّجُلُ ألْيَتَيْهِ (¬165) بِالْأرْض وَيَنْصِبَ سَاقَيْهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ فِي الْأرْض، كَمَا يُقْعِى الْكَلْبُ. قَالَ: وَتَفْسِيرُ الْفُقَهَاءِ: أنْ يَضَعَ ألْيَتَيْهِ عَلَى عَقِبَيْهِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ. وَالْقَوْلُ: هُوَ الْأوَّلُ. وَرُوِىَ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ أَكَلَ مُقْعِيًا" (¬166) قال ابْنُ شُمَيْلٍ (¬167): الإقْعَاءُ: أنْ يَجْلِسَ [الرَّجُلُ] (¬168) عَلَى وَرِكَيْهِ (¬169)، وَهُوَ الاحْتِفَازُ وَالاسْتِيفَازُ.
قَوْلُهُ: "التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ" قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنِ الْأنبارِىِّ (¬170): فِيهِ ثَلَاثَةُ أوْجُه:
أحَدُهَا: السَّلَامُ. يَقُولُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: حَيَّاكَ الله، أىَّ: سَلَامُ اللهِ عَلَيْكَ.
الثانِى: الْمُلكُ لِلهِ. وَالتَّحِيُّةُ: الْمُلْكُ. يُقَالُ: حَيَّاكَ الله، أيْ: مَلَّكَكَ الله، قَالَ الشَّاعِرُ (¬171):
وَلَكُلُّ (¬172) مَا نَالَ الْفَتَى ... قَد نِلْتُهُ إِلَّا التَّحِيَّةُ
الثَّالِثُّ: الْبَقَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى. يُقَالُ: حَيَّاكَ اللهُ، أيْ: أبْقَاكَ الله. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى "حَيَّاكَ اللهُ" أَيْ: أحْيَاكَ الله. قَالَ الزَّمَخْشَرِىُّ (¬173): التَّحِيَّةُ: تَفْعِلَةٌ مِنَ الْحَيَاةِ بِمَعْنَى الإحْيَاءِ وَالتَّبْقِيَةِ. قَالَ الْقُتَيْبِىُّ (¬174) التَّحِيَّاتُ لِلهِ" عَلَى الْجَمْعِ؛ لِأنَّه كَانَ فِي الْأرْض مُلُوكٌ يُحَيُّوْنَ بِتَحِيَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ (¬175)، فيَقَالُ لِبَعْضِهِمْ: أبَيْتَ اللَّعْنَ. وَلِبَعْضِهِمْ: اسْلَمْ وَانْعَمْ. وَلِبَعْضِهِمْ: عِشْ ألْفَ سَنَةٍ. فَقِيلَ لَنَا: قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، أَيْ: الألفَاظُ الَّتِى تَدُلُّ عَلَى الْمُلْكِ (¬176)، وَيُكَنَّى بِهَا عَنِ الْمُلْكِ: هِىَ لِلهِ عَزَّ وَجَلَّ (¬177).
وَمَعْنَى "الْمُبَارَكَاتُ": الدَّائِمَاتُ، مِنْ دامَ أوْ كَثُرَ مِنَ الْبَرَكَةِ فِي الطَّعَامِ، وَغَيْرِهِ. وَمَعْنَى "الصَّلَوَاتُ" (¬178) الرَّحْمَةُ (¬179). وَقِيلَ: الصَّلَوَاتُ الْخَمسُ. وَمَعْنَى "الطَّيْبَاتُ": الْأعْمَالُ الصَّالِحَةُ. وَقِيلَ: الثَّنَاءُ عَلَى اللهِ تَعَالَى. وَقِيلَ: الْكَلِمَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى الْخَيْرِ (¬180)، كَشَفَاهُ اللهُ، وَرَعَاهُ، وَأعَزَّهُ، وَأَكْرَمَهُ وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: "حَمِيدٌ مَجِيدٌ" حَمِيدٌ (¬181): فَعِيلٌ (¬182) مِنَ الْحَمْدِ (بِمَعْنَى) (¬183) مَحْمُودٍ. وَمَجِيدٌ: كَرِيمٌ، وَالْمَجْدُ: الْكَرَمُ. وَقِيلَ: الشَّرفُ وَالرِّفْعَةُ.
¬__________
= إصلاح المنطق 100، 164 وغريب أبي عبيد 2/ 197 والنهاية 4/ 111 وتهذيب اللغة 9/ 203 وجمهرة اللغة 3/ 165.
(¬163) في المهذب 1/ 77: ويكره الإقعاء في الجلوس.
(¬164) غريب الحديث 1/ 210.
(¬165) ع: ألييه: والمثبت من خ وغريب أبي عبيد.
(¬166) ما سبق كلام أبي عبيد في غريبة 2/ 108، 109، 1/ 210 وانظر تهذيب اللغة 3/ 31 والنهاية 4/ 89 والفائق 3/ 212.
(¬167) في تهذيب اللغة 3/ 32.
(¬168) تكملة من التهذيب واللسان.
(¬169) خ: وركه: تحريف.
(¬170) في الزاهر 1/ 154 وفي نقله عنه تصرف كبير حيث خلطه بأقوال غيره من اللغويين.
(¬171) زهير بن جناب الكلبى كما في غريب أبي عبيد 1/ 112. والزاهر 1/ 155 وتهذيب اللغة 5/ 290 والمحكم 3/ 304 واللسان (حيى 1078).
(¬172) ع: من كل، خ: من لكل مكتوب فوقها: ولكل. والمثبت على هذا. والمراجع السابقة في تعليق 2.
(¬173) الفائق 1/ 339.
(¬174) غريب الحديث.
(¬175) ع مختلفات. والمثبت من خ وتهذيب اللغة واللسان تعليق 171.
(¬176) ع: ذلك والمثبت من خ وتهذيب اللغة واللسان تعليق 171.
(¬177) انظر الفاخر 2 والعين 3/ 318 وغريب الحديث 1/ 111، 112 والزاهر 1/ 154، 155 وتهذيب اللغة 5/ 289 - 291 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 30 وشرح القصائد السبع الطوال 298، واللسان (حيى 1078).
(¬178) قال القلعى: الصلوات: جمع صلاة وقيل ها هنا: بمعنى الدعاء، وقيل: بمعنى الرحمة. اللفظ المستغرب 39 وقال ابن الأنبارى: الصلاة معناها الرحمة. الزاهر 1/ 155 وقال الأزهرى: الصلوات: العبادات كلها لله شرح المختصر لوحة 30 وجمع المعانى كلها في التهذيب.
(¬179) كان ينبغى أن يقول: الرحمات لئلا يفسر الجمع بالمفرد.
(¬180) انظر الزاهر 1/ 155 وشرح ألفاظ المختصر لوحة 30.
(¬181) حميد ليس في ع.
(¬182) خ فعل: تحريف.
(¬183) خ: المعنى.

الصفحة 84