كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

أَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُون" (¬210) يُقَالُ: رَجُلْ مَجْدُودٌ، أَيْ: مَحْظُوظٌ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى: لَا يَنْفَعُ ذَا الْحَظِّ مِنْكَ حَظَّهُ، أوْ (¬211): لَا يَنْفَعُ ذَا الْغِنَى مِنْكَ غِنَاهُ (¬212). وَذَكَرَ فِي الْفَائِقِ (¬213) أنَّ قَوْلَهُ "مِنْكَ" مِنْ قَوْلِهِمْ: "هَذا مِنْ ذَاك" أَيْ: بَدَل ذَاكَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ (¬214):
فَلَيْتَ (¬215) لَنَا مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ شَرْبَةً ... مُبَرَّدَةً بَاتَتْ عَلَى طَهَيَانِ
أَيْ بَدَلَ (¬216) مَاءِ زَمْزَمَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (¬217): {وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ} (¬218) أَيْ: بَدَلَكُم. وَالْمَعْنَى: أنَّ الْمَحْظُوظَ لَا يَنْفَعُهُ حَظُّهُ بَدَلَكَ (¬219). أَيْ: بَدَلَ طَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أن تَكُونَ "مِنْ" عَلَى أصْلِ مَعْنَاهَا؛ أعْنى: الابْتِدَاءَ، وَتَتَعَلَّقُ إِمَّا بِيَنْفَع [وَإِمَّا] (¬220) بِالْجَدِّ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمَجْدُودَ لَا يَنْفَعُهُ مِنْكَ الْجَدُّ الَّذِى مَنَحْتَهُ، وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أن تَمْنَحَهُ التَّوْفِيقَ (¬221) وَاللُّطْفَ في الْطَاعَةِ، أوْ لَا يَنْفَعُ مَنْ جَدُّهُ مِنْكَ جَدُّهُ، وإنَّمَا يَنْفَعُهُ الْتَوْفِيقُ مِنْكَ. وَقَالَ الْجَوْهَرِىُّ (¬223): مِنْكَ هَا هُنَا، مَعْنَاهُ: عِنْدَكَ.
* * *
تَفْسِيرُ الْقُنُوتِ
قَدْ ذَكَرْنَا (¬224) تَفْسِيرَ لَفْظِ الْقُنُوتِ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أقْسَامٍ، وَبَقِىَ سَائِرُ ألْفَاظِهِ مِنْ حِينِ الرَّفْع (¬225).
قَوْلُهُ: "اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ" (¬226) أَيْ: دُلَّنِى عَلَى الْخَيْرِ وَالْحَقِّ. وَالْهِدَايَةُ: الدَّلَالَةُ، يُقَالُ: هَدَيْتُهُ الطَّرِيقَ وَإِلَى الطَّرِيقِ.
قَوْلُهُ: "وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ" (¬227) يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ، أحَدُهُمَا: الْعَافِيةُ مِنَ الْبَلَايَا الَّتِى هِىَ الْعِلَلُ وَالْأمْرَاضُ وَالْعَاهَاتُ. وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الرَّحْمَةِ. وَمِنْهُ (¬228) فِي حَدِيثِ أَهْلِ الْقُبُورِ "أسْألُ اللهَ لَكُمُ الْعَافِيَةَ" أى: الرَّحْمَةَ (¬229).
قَوْلُهُ: "وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلِّيْتَ" (¬230) أَيْ: اجْعَلْنى (¬231) مِمَّنْ يُوَالِيكَ، وَيَكُونُ لَكَ وَلِيًّا وَالْوَلِىُّ:
¬__________
= من خ والمراجع السابقة.
(¬210) غريب أبي عبيد 1/ 258 والغريبين 1/ 623 والفائق 1/ 192، 193 والنهاية 1/ 244 والزاهر 1/ 111، 112.
(¬211) ع: و.
(¬212) المراجع السابقة في تعليق 210.
(¬213) 1/ 192.
(¬214) يعلى الأحول الأزدى، شاعر أموى، وكان لصا فاتكا. ذكر البغدادي ترجمته في الخزانة 5/ 277 ونسب في اللسان (طهى) إلى الأحول الكندى، وقال الشيبانى: ويقال لعمرو ابن أبي عمارة الأزدى. ويقال: لجواس بن حيان. انظر خزانة الأدب 5/ 278.
(¬215) خ: فياليت والفائق والخزانة واللسان وع. فليت.
(¬216) خ: بدل من: تحريف. والمثبت من ع والفائق.
(¬217) ع: عز وجل. والمثبت من خ والفائق.
(¬218) سورة الزخرف آية 60.
(¬219) ع والفائق: "بذلك" تحريف.
(¬220) ع، خ: أو والمثبت من الفائق.
(¬221) ع: ما تمنحه من التوفيق. والمثبت من خ والفائق.
(¬222) ع ينفعه والمثبت من خ والفائق.
(¬223) في الصحاح (جدد).
(¬224) خ: ذكر.
(¬225) أى بعد الرفع من الركوع.
(¬226) خ: اهدنا فيمن هديت أى دلنا. والمثبت من ع والمهذب 1/ 81.
(¬227) خ: وعافنا، وفي المهذب 1/ 81 وعافنى فيمن عافيت. وكذا في ع.
(¬228) في: ليس في ع.
(¬229) أنظر العين 2/ 258 والزاهر 1/ 535 والفائق 3/ 8 والنهاية 3/ 265 وتهذب اللغة 3/ 222 - 230 والمعجم 2/ 267.
(¬230) خ: وتولنا. والمثبت من ع كما في المهذب 1/ 81.
(¬231) خ: اجعلنا.

الصفحة 86