كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

وَمِنْ بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ
التَّطوُّعُ (¬1): فِعْلُ الطَّاعَةِ مِنْ غَيْرِ وُجُوبٍ (¬2). وَالتَّطَّوُّعُ بِالشَّيَىءِ: التبَّرُّعُ، وَمِنْهُ: الْمُطَّوَّعَةُ الَّذِينَ يَتَطوَّعُونَ بِالجِهَادِ (¬3).
قَوْلُهُ: "السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ" (¬4) أَيْ: الثَّابِتَةُ الدَّائِمَةُ، يُقَالُ: رَتَبَ الشَّيَىءُ يَرْتُبُ رُتُوبًا (¬5) أَيْ: ثَبَتَ، وَأمْرٌ رَاتِبٌ، أَيْ: دَارٌّ ثَابِتٌ (¬6).
قَوْلُهُ: "الشَّفْعُ وَالْوَترُ" (¬7) قَدْ ذُكِرَا. وقالَ فِي التَّفْسِيرِ (8) الْوَتْرُ: اللهُ وَحْدَهُ. وَالشَّفْعُ: جَمِيعُ الْخَلْقِ، خُلِقُوا أزْوَاجًا (¬8). وَسُمِّيتْ صَلَاةُ الْوَتْرِ؛ لِأنَّ آخِرَهَا رَكْعَةٌ فَرْدَةٌ، لَا تُشْفَعُ بِغَيْرِهَا. وَأَصْلُ الوَتْرِ: كُلُّ عَدَدٍ لَا يَنْقَسِمُ حُبُورًا، كَالْوَاحِدِ وَالثَّلَاثَةِ وَالْخَمْسَةِ. وَالزَّوْجُ: كُلُّ عَدَدٍ يَنْقَسِمُ جُبُورًا لِمُتَسَاوِيَيْنِ، كَالاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ وَالْمَائَةِ، وَشِبْهِهَا.
قَوْلُهُ (¬9): "اللَّهُمَّ قَاتِلْ الْكَفَرَةَ" مَعْنَاهُ: الْعَنْهُمْ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ} (¬10) أَيْ: لَعَنَهُمْ (¬11).
قَوْلُهُ (¬12): "إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا" أَيْ: طَلَبًا لِمَرْضَاةِ اللهِ تَعَالَى وَثَوَابِهِ (¬13). يُقَالُ: فُلَانُ يَحْتَسِبُ الْأخْبَارَ أَيْ: يَطْلُبُهَا وَيَتَوَقَّعُهَا.
قَوْلُهُ: "التَّرَاوِيحُ" (¬14) مَأخُوذٌ مِنَ الْمُرَاوَحَةِ، وَهِىَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الرَّاحَةِ. يُقَالُ: رَاوَحَ الْفَرَسُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ: إِذَا رَفَعَ إِحْدَيْهِمَا وَتَرَكَ الْأخْرَى يَسْتَرِيحُ بِذَلِكَ، مِنْ طُولِ الْقِيَامِ.
وَكَذَلِكَ يُقَالُ: رَاوَحَ الظَّلِيمُ (¬15) بَيْنَ يَدَيْهِ (¬16) وَرِجْلَيْهِ، قَالَ (¬17):
¬__________
(¬1) في المهذب 1/ 82 وتطوعها أفضل التطوع.
(¬2) تهذيب اللغة 3/ 104.
(¬3) السابق.
(¬4) ما لا تسن له الجماعة ضربان: فمنها السنن الراتبة مع الفرائض.
(¬5) من باب قعد - المصباح.
(¬6) ع: وله راتب: أي دائم ثابت. والمثبت من خ واللسان (رتب 1574) والنقل عنه.
(¬7) في المهذب 1/ 83: وروى ابن عمر (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يفصل بين الشفع والوتر.
(¬8) انظر: تفسير الطبرى 30/ 108 والبحر المحيط 8/ 468 ومجلز القرآن 2/ 297 ومعانى القرآن للفراء 3/ 259، 260 والقرطبى 20/ 39 وتفسيره 526.
(¬9) في المهذب 1/ 83 عن عمر (ر) أنه قال: السنة إذا انتصف الشهر من رمضان أن تلعن الكفرة في الوتر. بعدما يقول: سمع الله لمن حمده ثم يقول: اللهم قاتل الكفرة.
(¬10) سورة التوبة آية: 30.
(¬11) قال الفراء: قتل: أى لعن وكذلك {قَاتَلَهُمُ اللَّهُ}، و {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} ذكر أنهن اللعن معاني القرآن 3/ 202. وكذا في تفسير غريب القرآن 496، 514 والعمدة 336 وانظر تفسير القرطبى 19/ 217. وقال أبو عبيدة: قاتلهم الله: قتلهم وقلما يوجد فاعل إِلا أن يكون العمل من اثنين، وقد جاء هذا ونظيره: عافاك الله والمعنى: أعفاك الله وهو من الله وحده مجاز القرآن 1/ 256.
(¬12) في المهذب 1/ 84: روى أبو هريرة (ر) قال: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، فيقول: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه.
(¬13) النهاية 1/ 382.
(¬14) في المهذب 1/ 84: روى عن عمر (ر) أنه جمع الناس على أبي بن كعب (ر) فصلى بهم التراويح.
(¬15) ذكر النعام كما في حاشية خ.
(¬16) يديه: ليس في ع.
(¬17) لم أعثر على قائله.

الصفحة 89