كتاب النظم المستعذب في تفسير غريب ألفاظ المهذب (اسم الجزء: 1)

قَوْلُهُ: "بَازِغَةً" (¬4) يُقَالُ: بزغْت الشَّمْسُ بُزُوغًا، أَيْ: طَلَعَتْ أوَّلَ مَا تَبْدُو (¬5).
قَوْلُهُ: "قَائِمُ الظَّهِيَرةِ" هُوَ انْتِصَافُ النَّهَارِ وَوَقْتُ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ. وَاسْتِواؤُهَا: قِيامُهَا؛ لأنَّهَا قَبْلَ ذَلِكَ مَائِلَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ. وَالظَّهِيرَةُ: مُشْتَقَّةٌ مِنَ الظُّهُورِ، وَهُوَ ضِدُّ الاخْتِفَاءِ وَالاسْتِتَارِ.
قَوْلُهُ: "تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ" أَيْ: تَمِيلُ. وَكَذَلِكَ: ضَافَتْ وَتَضَيَّفَتْ، مِنْ أضَفْتُ الشَّيْىْءَ إِلَى الشَّيْىءِ. أَيْ: أمَلْتَهُ. وَيُقَالُ: ضَافَ السَّهْمُ عَن الْهَدَفِ: إِذَا مَالَ، وَضِفْتُ فُلَانًا: إِذَا مِلْتَ إِلَيْهِ وَنَزَلْتَ بِهِ (¬6).
قَوْلُهُ (¬7): "لَا تَيَحَرَّى أحَدُكُمْ بِصَلَاتِهِ" أَيْ: لَا يَتَعَمَّدْ (¬8) وَيَجْتَهِدْ. وَالتَّحَرِّى: الاجْتِهَادُ وَالْمُبَالَغَةُ فِيْهِ.
* * *
¬__________
(¬4) في المهذب 1/ 92: روى عقبة بن عامر قال: ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى أن نصلى فيها أو أن نقبر موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة وحين تضيف الشمس للغروب وانظر الحديث في صحيح الترمذى 4/ 247 وغريب أبي عبيد 1/ 17 والفائق 2/ 351 والنهاية 3/ 108.
(¬5) الزجاج: ابتدأت في الطلوع. معانى القرآن 2/ 295 والمحكم 5/ 267 وفي العين 4/ 385: بدا طلوعها.
(¬6) الفائق 1/ 351 وغريب أبي عبيد 1/ 18 وتهذيب اللغة 12/ 73 والنهاية 3/ 108 وجمهرة اللغة 3/ 98 وديوان الأدب 3/ 458.
(¬7) في المهذب 1/ 93: فإن دخل المسجد في هذه الأوقات ليصلى التحية. . لا يصلى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا يتحرى أحدكم بصلاته طلوع الشمس وغروبها".
(¬8) ع: يتعمل وفي مجاز القرآن 2/ 272 (تحروا) تَوَخَّوْا وعمدوا. وفي النهاية 2/ 376: تعمدوا وانظر معانى الفراء 3/ 191 وتفسير غريب القرآن 490 والصحاح والمصباح (حرى).
وَمِنْ بَاب صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
قَوْلُهُ: "فِي قَرْيَةٍ أوْ بَدْوٍ" (¬1) سُمِّيَتْ (¬2) قَرْيَةً؛ لاجْتِمَاعِ النَّاسِ فِيهَا، مِنْ قَرَيْتُ الْمَاءَ فِي الْحَوْض: إِذَا جَمَعْتَهُ. وَجَمْعُهَا "قُرًى" عَلَى غَيْر قِيَاس؛ لِأنَّ مَا كَانَ عَلَى "فَعْلَةٍ" بفَتْحِ الْفَاءِ (¬3) فَجَمْعُهُ مَمْدُودٌ مِثْلُ: رَكْوَةٍ، وَرِكَاءٍ، وَظَبْيَةٍ وَظِبَاءٍ. وَيُقَالُ: قِرْيَةٌ بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ (¬4)، وَلَعَلَّهَا جُمِعَتْ عَلَى ذَلِكَ مِثْلُ لِحْيَةٍ وَلُحَى (¬5). وَالْبَدْوُ: الْبَادِيَةُ. وَالنَّسَبُ إِلَيْهِ: بَدَوِىٌ. وَالْبَدَاوَةُ: الإقَامَةُ فِي الْبَاديَةِ يُفْتَحُ وَيُكْسَرُ (¬6)، وَهُوَ ضِدُّ الحَضَارَةِ. وَفِى الْحَدِيثِ: "مَنْ بَدَا فَقَدْ جَفَا" (¬7) أَيْ: مَنْ نَزَلَ الْبَادِيَةَ: صَارَ فِيهِ جَفَاءُ الْأعْرَابِ (¬8).
قَوْلُهُ: "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ" أَيْ: غَلَبَ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِم (¬9)، جَاءَ بِالْوَاوِ عَلَى أَصْلِهِ، كَمَا جَاءَ اسْتَرْوَحَ وَاسْتَصْوَبَ (¬10).
¬__________
(¬1) في المهذب 1/ 93: روى أبو الدرداء (ر) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا تقام فيهم الصلاة إِلا قد استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأخذ الذئب القاصية من الغنم.
(¬2) خ: وسميت.
(¬3) من المعتل كما في الصحاح والمصباح (قرى).
(¬4) كذا في العين 5/ 203 والصحاح (قرى) واللسان (قرى 3617).
(¬5) المراجع السابقة.
(¬6) غريب الخطابى 1/ 344 عن الأصمعى وأبى زيد.
(¬7) مسند أحمد 2/ 371؛ 4/ 297 والفائق 1/ 87 والنهاية 1/ 108 والغريبين 1/ 146.
(¬8) المراجع السابقة.
(¬9) كذا في مجاز القرآن 1/ 141، 2/ 255 ومعانى الفراء 3/ 142 وتفسير الطبرى 9/ 325 وتفسير ابن قتيبة 136.
(¬10) قال الزجاج في معانيه 2/ 133: قال النحويون: استحوذ خرج على أصله، فمن قال حاذ يحوذ لم يقل إلا استحاذ يستحيذ. ومن قال أحوذ فهو كما قال بعضهم: أجودت وأطيبت بمعنى أجدت وأطيبت.

الصفحة 97