كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 1)

عن ابن مسعود وابن عمر بأسانيد في بعضها متروك وفي البعض الآخر ضعيف حتى قال ابن حزم: لا يصح عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ولا عن أحد من أصحابه في ذلك شيء وتعقب أن حديثي علي وابن مسعود لا بأس بإسناديهما ولهذا رجح البيهقي وغيره المصير إلى الجمع أنه طاف طواف القدوم وطواف الإفاضة. قال: وأما السعي فلم يثبت فيه شيء وقد حكى الحافظ في الفتح أنه روى جعفر الصادق عن أبيه أنه كان يحفظ عن علي للقارن طوافا واحدا خلاف ما يقوله أهل العراق. والحاصل: أن الجمع بما تقدم إن اندفع به النزاع فالمراد وإلا وجب المصير إلى التعارض والترجيح ولا يشك عالم بالحديث أن أدلة الطواف الواحد والسعي الواحد أرجح. "ويكون حال الطواف متوضئا ساتر العورة" لما في الصحيحين من حديث عائشة أن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم أنه توضأ ثم طاف بالبيت. وفيهما أيضا من حديث أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يطوف بالبيت عريان" في شرح السنة عند الشافعي لا يجزئ الطواف إلا بما يجزئ به الصلاة من الطهارة عن الحدث والنجاسة وستر العورة فإن ترك شيئا منها فعليه الإعادة. قال في الأنوار: ولو أحدث في الطواف عمدا توضأ وبنى ولا يجب الاستئناف وإن طال الفصل والكلام في الطواف مباح ويستحب أن لا يتكلم إلا بذكر الله أو حاجة أو علم, وقال أبو حنيفة: إذا طاف جنبا أو محدثا وفارق مكة لا تلزمه الإعادة وعليه دم وفي العالمكيرية أن كل عبادة تؤدى لا في المسجد من المناسك فالطهارة ليست من شرطها كالسعي والوقوف بعرفة وكل عبادة في المسجد فالطهارة من شرطها كالطواف. أقول: أما فرضية الوضوء للطواف أو شرطيته كما زعمه البعض فغاية ما في ذلك حديث: أنه توضأ صلى الله عليه وسلم ثم طاف, وهذا مجرد فعل لا ينتهض للوجوب وليس الوضوء بداخل في عموم المناسك حتى يقول إنه بيان لقوله: "خذوا عني مناسككم" فإن قيل إنه شرط النسك أو فرضه فيكون من جملة بيان المناسك فيجاب بأن هذه مصادرة على المطلوب لأن كونه شرطا أو فرضا هو محل النزاع ومع هذا ففعله للوضوء يحتمل أن يكون لما يتعقب الطواف من الصلاة ولا سيما وقد كان صلى الله عليه وسلم لا يدخل المسجد إلا متوضئا في غير الحج فملازمته لذلك في الحج أولى, وأما منعه صلى الله عليه وسلم للحائض أن تطوف بالبيت فليس فيه دليل على

الصفحة 263