كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 1)

قال: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده" , ثم دعا بين ذلك فقال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه في بطن الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا, ويجوز السعي راكبا وماشيا وهو أفضل وعليه أهل العلم. وإذا كان متمتعا صار بعد السعي حلالا حتى إذا كان يوم التروية أهل بالحج لقول عائشة حاكية لحجهم مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فأما من أهل بالعمرة فأحلوا حين طافوا بالبيت وبالصفا والمروة, وهو في الصحيحين وغيرهما وفيهما أيضا من حديث جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: "أحلوا من إحرامكم بطواف البيت وبين الصفا والمروة وقصروا ثم أقيموا حلالا حتى إذا كان يوم التروية فأهلوا بالحج واجعلوا التي قدمتم لها متعة" وفي لفظ لمسلم من حديثه أيضا قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أحللنا أن نحرم إذا توجهنا إلى منى فأهللنا من الأبطح. أقول: الإهلال هو رفع الصوت بلفظ لبيك بحجة وعمرة والظاهر من الأدلة أنه لا يجب إلا نية الإحرام بالحج وليس وراء ذلك أمر آخر هو الإحرام بل هو مجرد النية, وأما اشتراط كونها مقارنة لتلبية أو تقليد فلم يدل عليه دليل بل التلبية ذكر مستقل وسنة منفردة وكذلك التقليد للهدي ولا كلام في ثبوت مشروعيتهما, وأما أنهما شرط لنية الإحرام بالحج فلا ومن ادعى ذلك فعليه البرهان.
فصل "ثم يأتي عرفة صبح يوم عرفة ملبيا مكبرا ويجمع العصرين" الظهر والعصر "فيها ويخطب" لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب الناس وهو على راحلته خطبة بديعة قرر فيها قواعد الإسلام وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية وقرر فيها المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها وهي الدماء والأموال والأعراض وغير ذلك من الأحكام وكانت خطبة واحدة لم تكن خطبتين يجلس بينهما, وقال في الحجة: إنما خطب يومئذ بالأحكام التي يحتاج الناس إليها لا يسعهم جهلها لأن اليوم يوم اجتماع وإنما تنتهز مثل هذه الفرصة لمثل هذه الأحكام التي يراد تبليغها إلى جميع الناس انتهى. "ثم يفيض من عرفة ويأتي المزدلفة ويجمع فيها

الصفحة 266