كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية ط المعرفة (اسم الجزء: 1)
يديه للدعاء ست مرات: الأولى على الصفا الثانية على المروة الثالثة بعرفة الرابعة بمزدلفة الخامسة عند الجمرة الأولى السادسة عند الجمرة الثانية انتهى. أقول: الأدلة تدل على عدم وجوب طواف الزيارة على التعيين فضلا عن كونه ركنا من أركان الحج التي لا يصح بدونها فعلى المجتهد أن يبحث عن المسائل التي قلد فيها الآخر الأول: وجعل عليها سورا لا يستطيع صعوده من كان هيابا للقيل والقال, ومخبوطا بأسواط آراء الرجال, وهو دعوى الإجماع فإن ما كان كذلك قل أن يكشف عن أصله ومستنده إلا من كان من الأبطال المؤهلين للنظر في الدلائل الفارقين بين العالي منها والسافل وقليل ما هم, بل هم أقل من القليل والله المستعان. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم عند الشيخين وغيرهما من حديث عائشة أنه قال لها: "طوافك بالبيت وبين الصفا والمروة يكفيك لحجك وعمرتك" وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قال: "من أحرم بالحج والعمرة أجزأة طواف واحد وسعي واحد" واللفظ للترمذي وهذا يدل على أن الواجب ليس إلا طواف واحد لا ثلاثة: طواف القدوم والزيارة والوداع, ويدل عليه ما رواه الشيخان وغيرهما عن ابن عمر أنه حج فطاف بالبيت ولم يطف طوافا غير ذلك. "وإذا فرغ من أعمال الحج طاف للوداع " لحديث ابن عباس عند مسلم وغيره قال: كان الناس ينصروفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا ينفر أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت" وفي لفظ للبخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض. وفي الباب أحاديث وإلى وجوب طواف الوداع ذهب الجمهور وقال مالك وداود وابن المنذر: هو سنة لا شيء في تركه. قال في الحجة: والسر فيه تعظيم البيت أن يكون هو الأول وهو الآخر تصويرا لكونه هو المقصود من السفر وموافقة لعادتهم في توديع الوفود ملوكها عند النفر. وقال في سبل السلام: ثم إنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم طاف طواف الوداع ليلا سحرا ولم يرمل في هذا الطواف وصلى الفجر بالحرم وقرأ بالطور ثم نادى بالرحيل فارتحل راجعا إلى المدينة فلما أتى ذا الحليفة بات بها فلما رأى المدينة كبر ثلاثا وقال: "لا إله إلى الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
الصفحة 272
291