اللفظ -وهو لفظ كلمة- يطلق لغة على الجمل المفيدة. قال تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} 1 إشارة إلى: {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} 2، وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: $"أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد "من الطويل":
3- أَلاَ كُلُّ شَيْء مَا خَلاَ الله بَاطِلُ ... "وكل نعيم لا محالة زائل"
وهو من باب تسمية الشيء باسم بعضه، كتسميتهم ربيئة القوم عينا، والبيت من الشعر قافية، وقد يسمون القصيدة قافية لاشتمالها عليها، وهو مجاز مهمل في عرف النحاة.
__________
1 المؤمنون: 100.
2 المؤمنون: 99-100.
3- التخريج: البيت للبيد بن ربيعة في ديوانه ص256؛ وجواهر الأدب ص382؛ وخزانة الأدب 2/ 255-257؛ والدرر 1/ 71؛ وديوان المعاني 1/ 18؛ وسمط اللآلي ص253؛ وشرح التصريح 1/ 29؛ وشرح شواهد المغني 1/ 150، 153، 154، 392؛ وشرح المفصل 2/ 78؛ والعقد الفريد 5/ 273؛ ولسان العرب 5/ 351 "رجز"؛ والمقاصد النحوية 1/ 5، 7، 291؛ ومغني اللبيب 1/ 133؛ وهمع الهوامع 1/ 3؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص211؛ وأوضح المسالك 2/ 289؛ والدرر 3/ 166؛ ورصف المباني ص269؛ وشرح شواهد المغني 2/ 531؛ وشرح عمدة الحافظ ص263؛ وشرح قطر الندى ص248؛ واللمع ص154؛ وهمع الهوامع 1/ 266.
اللغة والمعنى: لا محالة: لا بد. زائل: فان.
يقول: كل شيء في هذا الوجود ماض إلى زوال إلا وجه ربك ذي الجلال والإكرام.
الإعراب: ألا: حرف استفتاح وتنبيه. كل: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. شيء: مضاف إليه مجرور. ما: حرف مصدري. خلا: فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "هو" على خلاف الأصل. الله: لفظ الجلالة مفعول به منصوب. باطل: خبر المبتدأ مرفوع. وكل: الواو حرف عطف، كل: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف. نعيم: مضاف إليه مجرور. لا: نافية للجنس. محالة: اسم "لا" مبني على الفتح في محل نصب. وخبرها محذوف. زائل: خبر المبتدأ مرفوع.
وجملة "كل شيء باطل" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "ما خلا الله" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية، أو في محل نصب حال تقديره: "خاليا". وجملة "كل نعيم ... " معطوفة على جملة "كل شيء" لا محل لها من الإعراب. وجملة "لا محالة" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها اعتراضية.
وفي البيت شاهدان أولهما قوله: "ما خلا الله" حيث ورد بنصب لفظ الجلالة بعد "خلا" فدل ذلك على أن الاسم الواقع بعد "ما خلا" يكون منصوبا، وذلك لأن "ما" هذه مصدرية، وما المصدرية لا يكون بعدها إلا فعل، ولذلك يجب نصب ما بعدها على أنه مفعول به، وإنما يجوز جره إذا كانت حرفا، وهي لا تكون حرفا متى سبقها الحرف المصدري. وثانيهما توسط المستثنى بين جزأي الكلام في قوله: "ألا كل شيء ما خلا الله باطل" يريد: ألا كل شيء باطل ما خلا الله.