كتاب أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي (اسم الجزء: 1)

يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا ثُمَّ أَقَامَ الْعَصْرَ فَصَلَّاهَا هَكَذَا ثُمَّ أَقَامَ الْمَغْرِبَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ ثُمَّ أَقَامَ الْعِشَاءَ فَصَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْضًا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ «1» اللَّهُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ: (فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً: 2- 239) قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: «فَبَيَّنَ أَبُو سَعِيدٍ: أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنْزِلَ [اللَّهُ] عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْآيَةَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ [وَهِيَ] قَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الْآيَةُ «2» : 4- 101) وَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ الْآيَةُ «3» : 4- 102) . وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدِيثَ صَالِحِ ابْن خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ [يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ] .
ثُمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ: مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَنَّ سُنَّةً، فَأَحْدَثَ اللَّهُ فِي تِلْكَ السُّنَّةِ نَسْخَهَا أَوْ مَخْرَجًا إلَى سَعَةٍ مِنْهَا-: سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةً تَقُومُ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ بِهَا، حَتَّى يَكُونُوا إنَّمَا صَارُوا مِنْ سُنَّتِهِ إلَى سُنَّتِهِ الَّتِي بَعْدَهَا-. قَالَ: فَنَسَخَ اللَّهُ تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا فِي الْخَوْفِ إلَى أَنْ يُصَلُّوهَا- كَمَا أَمَرَ اللَّهُ [فِي وَقْتِهَا] وَنَسَخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّتَهُ فِي تَأْخِيرِهَا، بِفَرْضِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ ثُمَّ بِسُنَّتِهِ، فَصَلَّاهَا فِي وَقْتِهَا كَمَا وَصَفْنَا» .
__________
(1) فى الرسَالَة [ص 181] : «أَن ينزل» وَمَا بَين الأقواس زِيَادَة عَن الرسَالَة.
(2) تَمامهَا: (إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً) .
(3) تَمامهَا: (وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً) .

الصفحة 35