كتاب أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي (اسم الجزء: 1)

وَاحْتَمَلَ قَوْلُهُ: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) : أَنْ يَتَهَجَّدَ بِغَيْرِ الَّذِي فُرِضَ عَلَيْهِ: مِمَّا تَيَسَّرَ مِنْهُ: فَكَانَ الْوَاجِبُ طَلَبَ الِاسْتِدْلَالِ بِالسُّنَّةِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ، فَوَجَدْنَا سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا وَاجِبَ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا الْخَمْسَ، فَصِرْنَا: إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْخَمْسُ، وَأَنَّ مَا سِوَاهَا: مِنْ وَاجِبٍ: مِنْ صَلَاةٍ، قَبْلَهَا- مَنْسُوخٌ بِهَا، اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ) فَإِنَّهَا «1» نَاسِخَةٌ لِقِيَامِ اللَّيْلِ، وَنِصْفِهِ، وَثُلُثِهِ، وَمَا تَيَسَّرَ. وَلَسْنَا نُحِبُّ لِأَحَدٍ تَرْكَ «2» ، أَنْ يَتَهَجَّدَ بِمَا يَسَّرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ: مِنْ كِتَابِهِ، مُصَلِّيًا [بِهِ] «3» ، وَكَيْفَمَا أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا» . ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ «4» .
أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ: قَالَ لَنَا الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ. فَذَكَرَ مَعْنَى هَذَا بِلَفْظٍ آخَرَ «5» ثُمَّ قَالَ: «وَيُقَالُ:
نُسِخَ مَا وَصَفَتْ الْمُزَّمِّلُ «6» ، بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) ، وَدُلُوكُ الشَّمْسِ: زَوَالُهَا (إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) : الْعَتَمَةُ، (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) : الصُّبْحُ، (إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ)
__________
(1) فى الرسَالَة (ص 116) . «وَأَنَّهَا» ، وَلَعَلَّ مَا هُنَا أصح.
(2) كَذَا بالرسالة. وَعبارَة الأَصْل. «يتْرك» ، وهى خطأ، أَو لَعَلَّ (أَن) نَاقِصَة من النَّاسِخ. وعَلى كل فعبارة الرسَالَة أحسن وأخصر.
(3) الزِّيَادَة عَن الرسَالَة.
(4) اُنْظُرْهُ فى الرسَالَة (ص 116- 117) .
(5) اُنْظُرْهُ فى الام (ج 1 ص 59) .
(6) عبارَة الام (ج 1 ص 59) : «نسخت مَا وصفت من المزمل» . وَلَعَلَّ صِحَة الْعبارَة، نسخ مَا وصفت من المزمل. [.....]

الصفحة 56