كتاب أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي (اسم الجزء: 1)

«وَفِي قَوْله تَعَالَى: (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ: 2- 143) لِقَوْلِهِ إلَّا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ عَلِمَهُمْ «1» مَنْ يَتَّبِعْ الرَّسُولَ وَعِلْمُ اللَّهِ كَانَ- قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ وَبَعْدَهُ- سَوَاءً.» .
«وَقَدْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَكَيْفَ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا، وَمَنْ مَضَى مِنَّا؟.
فَأَعْلَمَهُمْ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) : أَنَّ صَلَاتَهُمْ إيمَانٌ «2» فَقَالَ: (وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ) الْآيَةُ «3» » .
«وَيُقَالُ: إنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ: الْبِرُّ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَغْرِبِ، وَقَالَتْ النَّصَارَى: الْبِرُّ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ بِكُلِّ حَالٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِيهِمْ:
(لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ: 2- 177) .
يَعْنِي (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) : وَأَنْتُمْ مُشْرِكُونَ لِأَنَّ الْبِرَّ لَا يُكْتَبُ لِمُشْرِكٍ.» .
«فَلَمَّا حَوَّلَ اللَّهُ رَسُولَهُ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ-:
__________
(1) كَذَا بِالْأَصْلِ وَلم نعثر على مصدر آخر لهَذَا النَّص. وَهُوَ: إِمَّا أَن يكون قد وَقع فِيهِ تَحْرِيف فَقَط، أَو تَحْرِيف وَنقص. فعلى الِاحْتِمَال الثَّانِي، لَعَلَّ الأَصْل: «قيل: فَقَوله:
(إِلَّا لنعلم) ، يعْنى: إِلَّا لِتَعْلَمُوا إِذْ قد علمهمْ» . أَي: بِسَبَب تَحْويل الْقبْلَة. وَهَذَا الْمَعْنى مُوَافق للْوَجْه الْمَشْهُور الَّذِي اخْتَارَهُ الطَّبَرِيّ فى تَفْسِيره (ج 2 ص 9) ، وَالَّذِي صدر بِهِ الْفَخر الْوُجُوه الَّتِي ذكرهَا، فى تَفْسِيره (ج 2 ص 11) . وعَلى الِاحْتِمَال الأول. لَعَلَّ الأَصْل:
«قيل: إِلَّا لنعلم أَن قد علمْتُم.» . أَي: بِالْفِعْلِ. وَهَذَا الْمَعْنى جمع بَين الْوَجْه الأول وَالْوَجْه الثَّانِي الَّذِي ذكره الْفَخر. وعَلى كل: فَلَا يُمكن أَن نطمئن إِلَى تَصْحِيح لهَذَا النَّص، أَو تَبْيِين للمعنى المُرَاد مِنْهُ-: مَا دمنا لم نعثر لَهُ على مصدر آخر من مؤلفات الشَّافِعِي (رضى الله عَنهُ) وَغَيره.
(2) أَي: لَا حرج عَلَيْهَا، وَلنْ يضيع ثَوَابهَا. انْظُر فتح الْبَارِي (ج 1 ص 73) .
(3) تَمامهَا: (إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ: 2- 143) .

الصفحة 67