كتاب أحكام القرآن للشافعي - جمع البيهقي (اسم الجزء: 1)

رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لَمْ يَزَلْ يَقْصُرُ مَخْرَجَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى مَكَّةَ كَانَتْ السُّنَّةُ فِي التَّقْصِيرِ. فَلَوْ أتمّ رجل متعمد: مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْطِئَ مِنْ قَصْرٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. فَأَمَّا إنْ أَتَمَّ: مُتَعَمِّدًا، مُنْكِرًا لِلتَّقْصِيرِ فَعَلَيْهِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ «1» .»
وَقَرَأْتُ- فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ-: «يُسْتَحَبُّ لِلْمُسَافِرِ: أَنْ يَقْبَلَ صَدَقَةَ اللَّهِ «2» وَيَقْصُرَ فَإِنْ أَتَمَّ الصَّلَاةَ-: عَنْ غَيْرِ رَغْبَةٍ عَنْ قَبُولِ رُخْصَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.-: فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ كَمَا يَكُونُ- إذَا صَامَ فِي السَّفَرِ-: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ. وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ: 2- 184) . وَكَمَا تَكُونُ الرُّخْصَةُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ: فَفِدْيَةٌ) الْآيَةُ «3» . فَلَوْ تَرَكَ الْحَلْقَ وَالْفِدْيَةَ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ بَأْسٌ: إذَا لَمْ يَدَعْهُ رَغْبَةً عَنْ رُخْصَةٍ.» .
(أَنَا) أَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، أَنَا الرَّبِيعُ
__________
(1) انْظُر كَلَام الشَّافِعِي الْمُتَعَلّق بذلك، فى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص 166) أَو بِهَامِش الْأُم (ج 7 ص 75- 76) .
(2) اقتباس من قَول النَّبِي (عَلَيْهِ السَّلَام) فى حَدِيث يعلى بن أُميَّة الْمَشْهُور الَّذِي ذكره الشَّافِعِي فى الْأُم (ج 1 ص 159) وفى اخْتِلَاف الحَدِيث بذيل الْأُم (ج 1 ص 161- 162) .
(3) تَمامهَا: (مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ: فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ: فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ: 2- 196) .

الصفحة 90