كتاب التحفة المهدية شرح العقيدة التدمرية (اسم الجزء: 1)

إليه، وتابع له، بخلاف القديم، والله تعالى له الأسماء الحسنى، لكن لما كان القديم عند أهل الكلام عبارة عما لم يزل، أو عما لم يسبقه وجود غيره، وأهل الاصطلاح تجوز مخاطبتهم باصطلاحاتهم عبر به المؤلف عن الأول وقيده بقوله: "أزلي" لأن القديم قد يطلق على المتقدم على غيره وأن كان حادثا، فهذا السر في التقييد بالأزلية، فالأزلي منسوب إلى الأزل، والأزلية هي الأولية: وقول المؤلف "فوصفوه بما يمتنع وجوده فضلا عن الوجوب أو الوجود أو القدم "
يعني أن القرامطة ونحوهم من الجهمية المحضة السالبين النقيضين عن الله قد شبهوا الله بالممتنعات فضلا عن الوصف بالوجوب، أو الوصف بالوجود، أو الوصف بالقدر، فهذه أوصاف لله، والقرامطة بتشبيههم إياه بالممتنع قد جعلوه في غاية البعد عن الاتصاف بهذه الأوصاف.
مذهب الفلاسفة في الصفات
...
قوله:
وقاربهم طائفة من الفلاسفة وأتباعهم فوصفوه بالسلوب والإضافات دون صفات الإثبات، وجعلوه هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، وقد علم بصريح العقل أن هذا لا يكون إلا في الذهن، لا فيما خرج عنه من الموجودات، وجعلوا الصفة هي الموصوف، فجعلوا العلم عين العالم، مكابرة للقضايا البديهيات، وجعلوا هذه الصفة هي الأخرى، فلم يميزوا بين العلم والقدرة والمشيئة، جحدوا للعلوم الضروريات.
ش: يعني أن الفلاسفة الإلهيين -أمثال أرسطوا- ليس من أصلهم وصف الله بصفات الإثبات: بل إنما يصفونه بالسلوب أو الإضافات، وقوله: "وأتباعهم" يعني كباطنية الشيعة -أمثال بن سيناء- وباطنية الصوفية أمثال ابن عربي -والسلوب جمع سلب والسلب هو النفي، وذلك مثل

الصفحة 43