كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

وأسبي ذراريكم".
قال: ثم إن أبا عبيدة بن الجراح انتظر أهل إيليا فأبوا أن يأتوه وأن يصالحوه فأقبل سائرًا حتى نزل بهم فحاصرهم محاصرة شديدة وضيق عليهم فخرجوا إليه ذات يوم ليقاتلوا المسلمين، ثم إن المسلمين سدوا عليهم من كل جانب فقاتلوهم حتى دخلوا حصنهم وكان الذي ولي قتالهم يومئذ خالد بن الوليد -رضي اللَّه عنه- ويزيد بن أبي سفيان كل رجل منهم في جانب قالوا فبلغ ذلك سعيد بن يزيد وهو على أهل دمشق فكتب:
"بسم اللَّه الرحمن الرحيم إلى أبي عبيدة بن الجراح من سعيد بن يزيد سلام عليك فإني أحمد اللَّه تعالى الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني لعمري ما كنت لأوثرك وأصحابك بالجهاد على نفسي ولا على ما يدنينى من مرضات اللَّه تعالى فإذا أتاك كتابي هذا فابعث إليَّ عاملك بمن هو أرغب فيه وأعلمه ما به بذلك فإني قادم عليك وشيكا إن شاء اللَّه تعالى والسلام عليك ورحمة اللَّه وبركاته".
قالوا: فقال أبو عبيدة حين جاء الكتاب: لنتركها خلوفا ثم دعا بيزيد بن أبي سفيان فقال له اكفني دمشق، فقال له يزيد: أكفيكها إن شاء اللَّه تعالى وسار إليها فولاها له، قالوا: ولما حضر أبو عبيدة أهل إيليا ووجدوا أنه غير مقلع عنهم لم يجدوا لهم طاقة بحربه فقالوا: نحن نصالحك، قال: فإني قابل منكم، قالوا فأرسل إلى خليفتكم عمر فيكون هو الذي يعطينا هذا العهد ويكتب لنا الأمان فقبل أبو عبيدة ذلك وهمَّ أن يكتب وكان أبو عبيدة -رضي اللَّه عنه- قد بعث معاذا "على" الأردن، ولم يكن سار بعد فقال معاذ لأبي عبيدة: أتكتب لأمير المؤمنين تأمره بالقدوم عليك فلعله يقدم ثم يأبى هو إلا الصلح فيكون مجيئه فضلًا وعناءً فلا تكتب إليه حتى يوثقوا إليك واستحلفهم الأيمان المغلظة والمواثيق المؤكدة إن أنت بعثت إلى أمير المؤمنين فقدم عليهم وأعطاهم الأمان على أنفسهم وأموالهم وكتب لهم بذلك كتابا ليقبلن الجزية وليدخلن فيما دخل فيه أهل الشام فبعث أبو عبيدة

الصفحة 228