كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

صلاح تسلمه في سنة خمسمائة وثلاث وثمانين" وقتل فيه من المسلمين خلق كثير في مدة أسبوع وقتل في المسجد الأقصى ما يزيد على سبعين ألفًا وأخذوا من عند الصخرة من أواني الذهب والفضة مالا يضبطه الحصر، وانزعج بسببه المسلمون في سائر "البلاد" غاية الانزعاج وكان الأفضل ابن أمير الجيوش قد تسلمه من سقمان بن أرتق في يوم الجمعة لخمس بقين من رمضان سنة إحدى وتسعين وقيل في شعبان سنة تسع وثمانين، وولى من قبله فيه فلم يكن لمن ولاه عنه طاقة للفرنج فتسلموه منه ثم استولى الفرنج على كثير من بلاد الساحل في أيامه فملكوا يافا في شوال سنة ثلاث وتسعين وقيسارية في أربع وتسعين واستولوا على بلاد الساحل وما فيها من القلاع والحصون وعاشوا فيها وفيما والاها من النواحى والأعمال والضياع حيث "رحل وذكوان" في سرح المدينة {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43] {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} [الأعراف: 22] فظلوا في طغيانهم يعمهون ولم يزل بيت المقدس وما ولاه من بلاد السواحل وغيرها في أيدي الفرنج المخذولين نيفًا وتسعين من السنين إلى أن جاءت الساعة التي جلاها اللَّه تعالى لوقتها وأظهر الآية التي لا أخت لها فنقول هي أكبر من أختها وأفضت الليلة الظلماء المعتمة إلى فجرها ووصلت الدنيا الحامل بجنين هذه الجنايات
إلى تمام شهرها وجاءت بواحدها الذي تضاف إليه الأعداد ومالكها الذي له السماء خيمة "والحبك" أطناب والأرض بساط والجبال أوتاد والشمس دينار والقمر دراهم والأفلاك خدم والنجوم أولاد وهو السلطان المعظم مالك زمام الفضل الكامل العامل فيما تولاه من أمور الأمة بما لا يضيع معه أجر عامل المعتصم بالرأي الرشيد

الصفحة 247