كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

فندبه لهذا الفتح المبين.
فكان هجرة للإسلام إلى القدس ثانية وبيعة رضوان شهدها مزيد عزمه لأيدي أهل التثليث والكفر ثابتة أحسن اللَّه له عن الإسلام وأهله أحسن الجزاء ومنحه من
فضل اللَّه وكرمه في الدار الآخرة أو في الأقسام "ووانو" الأجزاء كانت هذه الهجرة أبقى الهجرتين وهذه الكرة بقوة اللَّه أقوى الكرتين وذلك أنه أقوى الآمال بما بذله من الأموال وحقق في إنجاز وعد اللَّه وإنجاح المقاصد رجاء الرجال وجمع العدد وفرق العدد ووهب الجياد وأجاد المواهب ورغب في الخطايا وأعطى الرغائب "ونثر الخزائن وبيت الكنائن" وأنفق الذخائر وأنفذ كرائمها للأخاير ونهض لاستنقاذ بيت المقدس من أيدي الكفار نهوض الأسد واشتعال النار.
وخرج من دمشق حين دخلت سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة في مستهل المحرم وقد أيقن بالظفر وظفر باليقين وبايع اللَّه ورسوله على نصرة الإسلام واقتضى في الدين وكتب إلى الأقطار والبلاد يستدعي من جميع الجهات جموع الجهاد وأهل الاستدعاء أهل الاستعداد وسار والعزم يستنهضه والعز يحسر منه والدين يستنبله والنصر يستعطيه وقدم بجحافله الحافلة وجيوشه الصائلة وعساكره المتواصلة وسلك في جهاد المشركين أعداء الدين أعدل السبل وأقوم المناهج وقدم على قصد بيت المقدس طويل الشرح فحصل من تلك المقدمات على نتائج ألحق بها من أهل الشرك الموجود بالمعدوم وأرعد في متملكي القلاع والحصون وبلاد الساحل بصاعقة بأسه إرعادًا ساقهم به إلى الأجل المحتوم ونثر الثرى ونشره وحسن الردى ونشره وقد ظهرت راياته "وبهرت آياته" وجالت خيوله وسالت سيوله والتوفيق يسايره

الصفحة 249