كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

ومنها كان منهاج المعراج ولها القبة وفيه البارق ومعنى البراق وأضاءت ليلة الإسراء بحلول السراج المنير فيه الآفاق ومن أبوابه باب الرحمة الذي يستوجب داخله إلى الجنة بالدخول الخلود وفيه كرسي سليمان ومحراب داود عليه السلام وبه عين سلوان التي يمثل واردها بالكوثر الحوض المورود.
وهو أول القبلتين وثاني البيتين وثالث الحرمين وأحد المساجد الثلاثة الذي جاء في الخبر النبوي أنها تشد الرحال ويعقد الرجاء بها الرجال، ولعل اللَّه يعيده بنا إلى أحسن صورة كما شرفه بذكره مع أشرف خلقه في أول سورة، وقال عزَّ من قائل {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} [الإسراء: 1]، إلى غير ذلك مما له من الفضائل والمناقب التي لا تحصى، وإليه ومنه الإسراء ولأرضه فتحت السماء ومنه تؤثر أنباء الأنبياء الأولياء ومشاهد الهدى وكرامات الكرماء وعلامات العلماء وفيه بارك المنار ومسارح المسار وفيه الصخرة الطولى وكانت القبلة الأولى، منها تعالت القدم النبوية وتوالت البركة العلوية وعندها صلى نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم- بالنبيين وصحب الروح الأمين فصعد منها إلى أعلى عليين فما أجله وأعظمه وما أشرفه و "أفحمه" وما أعلاه وما أغلاه وما أسماه وما أسناه وأيمن بركاته وأبرك ميامنه وأحسن حلاوته وأحلى محاسنه.
وقد ظهر اللَّه فيه منه وطوله بقوله جل وعلا: {الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]. وكم فيه من الآيات التي أراها اللَّه نبيه وجعل مسموعاتنا من فضائله مرئية ووصف السلطان من خصائصه ومزايا بما وثق على استعادته مواثيقه

الصفحة 254