كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

ونوجلكم عليه الحسرة ونقتل كل من عندنا من أسارى المسلمين وهم ألوف، وقد عرف أن كلامنا للذل والهوان عيون وللفر ألوف، وأم الأموال نعطها ولا نعطها وأم الذراري فإنا نسارع إلى إعدامها ولا نستبقيها، فأي فائدة لكم بالشح علينا بالأمان وكل حشرة لكم في الإباء وعدم الامتنان ورب خيبة جاءت من قبل الشح ولا يصلح السوء سوء الصلح وربَّ كلام الليل قبل أسفار الصبح.
قال فعقد السلطان مجلسًا للمشورة وأحضر كبراء عساكره المنصورة وشاورهم في الأمر واستطلع خفايا ضمائرهم واستكشف خبايا سرائرهم واستورى زندهم وتعرف ما عندهم وزاد منهم على المصلحة المتزحمة وفاوضهم في أمر المصلحة المربحة، وقال إن الفرصة قد أمكنت فنحرص على انتهازها وأن الحصة قد حصلت ونستخير اللَّه تعالى في إحرازها، وإن هي فاتت لا تستدرك وإن أفلتت لا تستمسك فقالوا قد خصك اللَّه تعالى بالسعادة وأخلصك بهذه العبادة ورأيك أرشد وعزمك لضالة النصر ناشد وأمرك مصاع الأمة نافذ.
كلنا لك في اغتنام فتح هذ الموضع الشريف مناشد واستقر الحال بعد مراودات ومعاودات وخداعات من القوم وشفاعات على قطعة تكمل بها الغبطة ويستردوا بها أنفسهم وأموالهم ويخلصون بها نساءهم ورجالهم وأطفالهم، على إنه من عجز بعد أربعين يومًا عما لزمه وامتنع منه وما سلمه ضرب عليه الرق وثبت في تملكه لنا الحق ومكابدة الأمر المشق، وهو على كل رجل عشرة دنانير وعلى كل امرأة خمسة، وكل صغير وصغيرة ديناران، ودخل ابن بارزان والبطرك ومقدما الداوية والاسبتارية في
الضمان وبذل ابن بارزان ثلاثين ألف دينار عن الفقراء وقام بالأداء، ولم ينكل عن الوفاء فمن سلم خرج من بيته آمنًا ولم يعد إليه ساكنًا وأسلمو البلد يوم الجمعة السابع والعشرين من رجب على

الصفحة 257