كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

المشركين قريبًا من مائة عام وتطهير البيت الذي أذن اللَّه أن يرفع ويذكر فيه اسمه وإماطة الشرك عن طرقه بعد أن امتد عليها رواقه واستمر فيها رسمه ورفع قواعده بالتحميد، "والتوحيد فإنه يبني عليه وشيد بنياونه بالتحميد" والتمجيد فإنه أساس بنيانه على التقوي من خلفه ومن بين يديه فهو موطن أبيكم إبراهيم ومعراج نبيكم محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وقبلتكم التي كنتم تصلون إليها في ابتداء الإسلام، وهو مقر الأنبياء "ومقعد الأولياء" ومدفن الرسل ومهبط الوحي ومنزل به الأمر والنهي، وهو في أرض المحشر، وصعيد المنشر وهو في الأرض المقدسة التي ذكرها اللَّه تعالى في كتابه المبين وهو المسجد الأقصى الذي صلى فيه نبي رب العالمين بالنبيين والمرسلين والملائكة المقربين، وهو البلد الذي بعث اللَّه إليه عبده ورسوله كلمته التي ألقاها إلى مريم وروحه عيسى الذي كرمه اللَّه برسالته وشرفه بنبوته ولم يزحزحه عن رتبة عبوديته" فقال: {لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} [النساء: 172] كذب العادلون باللَّه وضلوا ضلالًا بعيد {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (91) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [المؤمنون: 91، 92] {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 17] إلى آخر الآيات من المائدة.
وهو أول القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه، ولا تقعد الحناصر بعد الموطنين إلا عليه، فلولا أنكم من اختاره اللَّه من عباده واصطفاك من سكان بلاده لما خصكم بهذه الفضيلة التي لا يجاريكم فيها مجار، ولا يباريكم في شرفها مبارى فطوبى

الصفحة 265