كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

وشكر لكم ما بذلتموه من مهجكم في مقارعة الأعداء، وتقبل منكم ما تقربتم به إليه من إهراق الدماء، وأثابكم الجنة فهي دار السعد فقدِّروا رحمكم اللَّه هذه النعمة حق قدرها وقوموا للَّه بواجب شكرها فله تعالى المنة عليكم بتخصيصكم بهذه النعمة، وترشيحكم لهذه الخدمة، فهذا هو الفتح الذي فتحت له أبواب السماء وبلجت بأنواره وجوه الظلماء وابتهج به الملائكة المقربون وقرب أعين الأنبياء والمرسلين فماذا من النعمة بأن جعلكم الجيش الذي يفتح على يديه البيت المقدس في آخر الزمان والجند الذي تقوم بسيوفهم بعد فترة من النبوة أعلام الإيمان، فيوشك أن يفتح اللَّه على أيديكم أمثاله وأن تكون التهاني لأهل الخضراء أكثر من التهاني لأهل الغبراء البيت الذي ذكره اللَّه تعالى في كتابه ونص عليه في محكم خطابه ومنحكم به منته وطوله.
فقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ} [الإسراء: 1]، وهو الذي عظمته الملل وأثنت عليه الرسل وتليت فيه الكتب الأربعة المنزلة من اللَّه تعالى، لأجله الشمس ردت على يوشع بن نون بن يعرب وباعد بين جوانبها ليتبين فتحه ويقرب، أليس هو البيت الذي أمر اللَّه -عز وجل- أن يأمر قومه باستيطانه فلم يجبه إلا رجلان وغضب عليهم لأجله فألقاهم في التيه عقوبة للعصيان.
فأحمد اللَّه الذي

الصفحة 267