كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

أمضى عزائمكم لما نكلت عنه بنو إسرائيل، وقد فضلت على العالمين ووفقكم، لما خذل فيه أمما كانت قبلكم الأمم الماضيين وجمع لأجله كلمتكم وكانت شتى وأغناكم بما أمقبه كان وقد عي وحتى وليهنكم أن اللَّه تعالى قد ذكركم به فيمن عنده وجملكم بعد أن كنتم جنودًا لا تستهويه جنده وشكرتكم الملائكة المنزلون على ما أهديتم لهذا البيت من طيب التوحيد ونشر التقديس والتحميد، وما أمطتم عن طريقه من أذى الشرك والتثليث والاعتقاد الفاجر الخبيث، والآن تستغفر لكم أملاك السموات وتصلى عليكم الصلوات المباركات.
فاحفظوا رحمكم اللَّه هذه الموهبة فيكم واحرسوا هذه النعمة عندكم بتقوى اللَّه الذي من تمسك بها سلم، ومن اعتصم بغزوتها نجا واعتصم، واحذروا اتباع الهوى
وموافقة الردى ورجوع القهقرى والتوالي العدى، وجدُّوا في انتهاز الفرصة وإزالة ما بقي من القصة، وجاهدوا في اللَّه حق جهاده وبيعوا عباد اللَّه أنفسكم في رضاه إذ جعلكم من خير عباده.
وإياكم أن يشتريكم الشيطان وأن يدخلكم الشيطان فيخيل لكم أن هذا النصر بسيوفكم الحداد وخيولكم الجياد ونجلائكم في مواطن الجلاد، لا واللَّه العظيم ما النصر إلا من عند اللَّه العزيز الحكيم. واحذروا عباد اللَّه بعد أن شرفكم بهذا الفتح الجليل والمنح الجزيل وخصكم بنصره المبين أن تقترفوا كثيرًا من نواهيه وأن تأتوا عظيمًا من معاصيه فتكونوا {كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا} [النحل: 92] أو {الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: 175] والجهاد هو أفضل عباداتكم وأشرف عاداتكم، انصروا اللَّه ينصركم اذكروا اللَّه يذكركم اشكروا للَّه يشكركم جدوا في حسم الداء وقلع شأفة الأعداء وطهروا بقية الأرض من هذه الأنجاس التي أغضبت

الصفحة 268