كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

في الراوية والنشر، وأغناه وأقناه وأولاه ما أولاه ووقف عليه دارًا وأرضًا وبستانًا وأسدى إليه معروفا زائدًا وإحسانًا وحمل إليها وإلى محراب المسجد الأقصى مصاحف وختمات وربعات معظمات لا تزال بين يدي الزائرين على كراسيها مرفوعة وعلى أسرتها موضوعة، ورتب لهذه القبة خاصة وللمسجد عامة قومه هممهم على شمل مصالحها ملتئمة وأمورهم في الحزمة منتظمة في أبهج ليلها.
وقد حضرت الجموع وازدهرت الشموع، وبان الخشوع ودان الخضوع وذرفت من عيون المتقين الدموع، واستقرت من العارفين الضلوع فلا ترى في تلك الحضرة المقدسة إلا كل ولي يعبد ربه ويؤمل بره وكل أشعث أغبر لو أقسم على اللَّه لأبره، وكل من يحيي الليل ويقوم ويسمو بالحق ويسود وكل من ختم القرآن ويرتله ويطرد الشيطان ويدحض كيده ويبطله، ومن عرفته لمعرفته الأسحار ومن ألفته لتهجده الأمداد والأفكار وما أسعد نهارها حين استقبل الملائكة زوارها وتجمل القلوب إليها أسوارها وتضع الجناة عندها أوزارها وتستهوي صبيحة كل يوم منها
أسفارها وما أطهر من تولى إطهارها وأظهر من باشر إظهارها.
وكان الفرنج قد قطعوا من الصخرة قطعًا وحملوا منها إلى القسططنية ونقلوا منها إلى صقلية وقيل باعوها بوزنها ذهبًا، واتخذوا ذلك مكسبًا، ولما ظهرت مواضعها وقطعت القلوب لما بانت معا فهي الآن مبرزة للعيون باقية على الأيام مصونة للإسلام في حذرها وحرزها المصون.
ثم أمر السلطان بالشروع في العمران وترخيم محراب الأقصى وأمر أن يبالغ فيه ويستقي، وتنافس فيه ملوك بنى أيوب فيما يورث

الصفحة 272