كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

لأولي الالباب المعلقين من أهداب الآذان بأوثق الأسباب وجعله خاتمة لهذا الباب وهو من الإتحاف الذي يحصل به المقصود وتحلو به الفائدة ومن الكلام الذي يحسن السكوت عليه وتتم به الفائدة فقال: "ولما أنقذ اللَّه تعالى بيت المقدس من أيدي النصارى وطهره من أرجاسهم وأدناسهم وتم الفتح وانضم الأمر وانتهى الحال على ما تقدم شرحه، أخذ السلطان صلاح الدين رحمه اللَّه في أسباب إتمام ما أقامه اللَّه تعالى من إعلاء كلمة الدين وابتهاج خواطر الموحدين واستئصال شأفة المعاندين وشرع في بقية سنة ثلاث وثمانين
وخمسمائة في بذل الأموال عودا على بدء وكتب إلى أهل الأقطار وسكان الأمصار يستدعي الأجناد إلى الجهاد ويندبهم إلى إتمام ما هو بصدده من قطح دابر أهل الغي والزيغ والعناد فأجابوه وتواردوا عليه من كل جهة.
وفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة رحل السلطان صلاح الدين عن القدس وترك المدينة وما ولاها من البلاد الساحلية التي كان قد افتتحها في طريقه حين خرج من الشام عامرة أهلها "بأهلها"، وقصد حصن الأكراد ونزل عليه وبعث العساكر في تخريب ضياع الفرنج وقطح أشجارهم ونهبهم وأعمال النكاية فيهم، ثم سار إلى طرسوس ففتحها عنوة، ثم سار إلى جبلة فأخذها عنوة ثم سار إلى اللاذقية فحاصرها أيامًا ثم افتتحها وأخذ منها غنائم كثيرة، ثم سار إلى أنطاكية فرغب صاحبها وهو البرنس في الهدنة ثم سار إلى صهيون وهي حصينة إلى الغاية فحاصرهم ثم أخذها بالأمان بعد ثلاثة أيام ثم بث عسكره وأولاده وسراياه فأخذوا حصون تلك الناحية مثل بلاطنس وقلعة الجماهير وبكاس والشعر ونزمانة ودربساك وبغراس، ثم سار إلى الشوبك وأخذها بالأمان ثم سار إلى صفد ونازلها، فوصل إليه أخوه الملك العادل أبو بكر بمن معه من عساكر مصر ودام الحصار على صفد إلى ثامن من شوال

الصفحة 275