كتاب إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى (اسم الجزء: 1)

ابن أخي السلطان صلاح الدين على منجعة الفرنج حملة منكرة أزاحهم ومن معهم بها عن مواقفهم.
وملك تقي الدين مواقعهم والتصق بعكا "ودخل المسلمون البلد" وأدخل إليهم السلطان صلاح الدين ما أرادوا من الرجال والعدد فلما كان العشرون من شعبان اجتمع الفرنج للمشهورة قالوا: الرأي أن نلقى المسلمين غدًا على حين غفلة لعلنا نظفر بهم قبل أن يأتيهم الإمداد، فإن أكثر عسكر المسلمين كان إذ ذاك غائبًا بعضهم مقابل أنطاكية وبعضهم مقابل صور وعسكر مصر بالإسكندرية ودمياط، وأصبح الفرنج متعينين للقتال وأصبح السلطان على غير أهبة وخرج الفرنج كأنهم الجراد المنتشر قد ملأوا الأرض بالطول والعرض وحملوا حملة رجل واحد فانهزم المسلمون وثبت بعضم واستأسروا جماعة.
ثم تراجع بعض المسلمين وحمل بهم السلطان حملة صادقة فقتلوا من الفرنج مقتلة عظيمة وأسروا جملة وكانت عدة القتلى يومئذ عشرة آلاف فأمر بهم السلطان فألقوا في النهر الذي يشرب منه الفرنج، قال العماد الكاتب -رحمه اللَّه تعالى- إن الذين ثبتوا من المسلمين ردوا مائة ألف من الكفار، وكان الواحد يقول قتلت ثلاثين قتلت أربعين وجافت الأرض من نتن القتلى وانحرفت الأمزجة ومرض السلطان صلاح الدين فأشاروا عليه بالانتقال من ذلك الظرف وترك مضايقة الفرنج فرحل إلى
"الخروبة" وأخذ الفرنج في محاصرة عكا وكان الذين بها من المسلمين يخرجون إليهم كل يوم ويقاتلونهم إلى نصف شوال، ووصل العادل أبو بكر بالمصريين ومعه من آلات الحصار شيء كثير، فلما دخل صفر من سنة ست وثمانين وخمسمائة وذهب الشتاء وجاءت إلى الإمداد من كل جهة ورحل من الخروبة إلى نحو عكا ودام القتال بين

الصفحة 278