كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
وَلَا تُعَادِ الفَقِيرَ عَلَّكَ أَنْ تَرْ ... كَعَ يَوْمًا وَالدَّهْرُ قدْ رَفَعَهُ
- و"السُّجُوْدُ": التَّطَامُنُ والمَيلُ، سَجَدَ البَعِيرُ وأَسْجَدَ (¬1): إِدا خَفَضَ رَأْسَهُ لِيُرْكَبَ، وكُلُّ خُضُوعٍ وَطَاعَةٍ تُسَمَّى سُجُودًا، وَمِنْهُ سُجْوْدُ الظِّلالِ إِنَّمَا هُوَ طَاعَتُهَا وانْقِيَادُهَا لِمَا سُخِّرَت لَه (¬2).
وأَكْثَرُ اللُّغَويّوْنَ يَقُوْلُوْنَ: سَجَدَ الرَّجُلُ: إِذَا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالأرْضِ
¬__________
= يَوْمَ صَنْعَاءَ. ولَعَلَّهُ لُقِّبَ أَوْ سُمِّيَ بِذلِكَ؛ لأنَّ الأضْبَطَ: الأسَدُ، قَال الزبِيدِيُّ في التاجِ (ضَبَطَ) "الأضْبَطُ يَعْمَلُ بِيَاسَرِهِ عَمَلُهُ بِيَمِينْهِ ... " وذَكَرَ الأضْبَطَ بنَ قُرَيعْ هَذَا وَقَال: "وَبَنُو تَمِيمٍ يَزعُمُوْن أنَّه أَوَّلُ مَنْ رَأَسَ فِيهِمْ" وَلَمْ يَذْكُرْهُ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ في "نزهَة الألباب" فهو مُسْتَدرَكٌ عليه. أَخْبَارُه في: الشِّعر والشُّعَراء (1/ 382)، والاشتقاق (393)، واللآلي للبكري (326)، والخِزَانَة (4/ 588). والبَيتُ من مَقْطُوْعَةٍ للأضْبَطِ بنِ قُرَيعٍ في الشِّعر والشُّعراء، والأغاني (18/ 567) الثقافة، والأمالي لأبي علي القالي (1/ 107)، وحماسة ابن الشَّجَرِيِّ (374) وغيرها. وأَوْرَدَ النَّحْويُّون الشاهدَ برواية "لا تُهِينَ الفَقِيرَ" أراد: "لا تُهينَنَّ" كَذَا في أمالي ابن الشَّجَرِيِّ (2/ 166)، والإنصاف (221)، والمُقرب (182)، والمُغني (155، 642) وشرح أبياته (3/ 379)، وغيرها ولا شاهدَ فيه على رِوَايَةِ المُؤَلِّفُ لِمَا أَرَادُوا، وَهِيَ رِوَايَةُ ثَعْلَبٍ رحمه الله، وَأَوْرَدَهُ المُؤَلِّفُ رحمه الله للتَّدْلِيلِ عَلَى لَفْظِ الرُّكُوع الوَاردةِ في البيتِ. ومِثْله أَوْرَدَهُ ابنُ الأنْبَارِيِّ في الزاهر (1/ 140)، وابنُ قُتيبةَ في غَرِيبِ الحَدِيثِ (1/ 21) وغَيرِهِم.
(¬1) فعلت وأفعلت للزَّجَّاجِ (51).
(¬2) سُجُوْدُ الظِّلال سُجودٌ حَقِيقِي، لا سُجُوْدَ انْقِيَاد فَحَسْبُ {وَإِنْ مِنْ شَيءٍ إلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [سورة الإسراء، الآية: 44] {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [سورة النحل، الآية: 49] وهي مَعَ سُجُوْدِهَا وقَبْلَهُ وبَعْدَهُ مُنْقَادَةٌ لله تَعَالى، مُنْقَادَة لِمَا سُخِّرَت لَهُ.
الصفحة 119