كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
* وَمَا ضَرْبُهُ هَامَ العِدَى لِيُشَجَّعَا *
وَفِي قَوْلِ اللهِ: "فَهَؤلَاءِ لِعَبْدِي" دَلِيلٌ علَى أَنَّ مِنْ قَوْلهِ (¬1): {اهْدِنَا} إلى آخرِ السُّوْرَةِ ثَلَاثُ آياتٍ، ولَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ} آية؛ لأنَّ "هَؤلَاءِ" إِنَّمَا يُقَالُ لِلْجَمْعِ، وَلَوْ أَرَادَ التَّثْنِية عَلَى مَذْهَبِ الشَافِعِيَّةِ لَقَال: "هَاتَانِ" عَلَى أَنَّ لِلشَافِعِيِّ أَنْ يَقُوْلَ: إِنَّ العَرَبَ تُخْرِجُ التَّثْنِيَةَ مَخْرَجَ الجَمْعِ فَتَقُوْلُ: رَجُل عَظِيمُ المَنَاكِبِ وَشبْهُهُ، وَكَانَ الوَجْهُ أَنْ يَقُوْلُ مَالِكٌ: وذلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ في ذلِكَ إِلَيَّ، لكِنَهُ قَدَّمَ وَأَخَّرَ فَقَال: إِلَيَّ في ذلِكَ.
اخْتَلَفَ النَّاسُ في "آمين" (¬2) فَقِيلَ: مَعْنَاهُ: يَا اللهُ، وأَضْمَرَ اسْتَجِبْ لِي،
¬__________
= أخباره: الشِّعر والشُّعراء (3121)، وَالأغَانِي (21/ 144) (الثقافة)، والاشتقاق (266)، ونزهة الألباب في الألقاب للحَافظ ابنِ حَجَرٍ (1/ 143)، والخِزَانَة (1/ 66، 3/ 157). وجمع شعره سليمان داود القرغولي وجَبَّار جَاسم، ونُشِرَ في النَّجَف سنة (1973 م) ثم نَشَرَهُ الأستاذ علي ذُو الفقار شَاكر، جَمَعَهُ من روايةِ بَهَاء الدِّين ابن النَّحَّاسِ عن أصل يظهر أنَّه لابن جِنِّي، ثُم نَقَلَ أخباره وتَرجمته من الأغاني وشرح قصيدته من شرح المفضليات للمَرْزُوقِيِّ، جَمَعَ ذلك في دِيوَان سَمَّاهُ المُحَقِّق "ديوانُ تأَبَّط شَرًّا وَأَخْبَارُهُ" وطُبع في دار المغرب الإِسلامي بيروت سنة (1984 م)، والبيت في ديوانه (114) وصدره:
* يُمَاصِعُهُ كُلٌّ يَشَجِّعُ قَوْمُهُ *
وللبيتِ رِوَايَاتٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا مُخَرِّجُ الدِّيوان أَحْسَنَ اللهُ سَعْيَهُ فلتُرَاجَع هُنَاك.
قال المَرْزُوْقِي رحمه الله في شرح البيت: "يُمَاصِعُهُ؛ أي: يُقَاتِلُهُ، وأَصْلُ المَصْعِ أي: الضَّربِ والرَّمي، والضَّمِيرُ في يُمَاصِعُهُ إِمَّا عائد إلى الكَمَيِّ في البَيتِ السَّابِقِ، وإمَّا عائد على الأول في قوله: "قليل غرار النَّوْم" عن الدِّيوان.
(¬1) سورة الفاتحة، الآية: 3.
(¬2) جَمَعَ الإمَامُ، العَالِمُ، الفَقِيهُ، النَّحَويُّ، أبو محمَّدٍ عبدُ الله بنُ أَحْمَدَ بنِ أَحْمَدَ بنِ الخَشَّابِ =
الصفحة 127