كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
وقِيلَ: مَعْنَاهُ: أُشْهِدُ الله، وقَيلَ: مَعْنَاهُ: كَذلِكَ فَعَلَ اللهُ، وَقِيلَ: آمِينَ: اسمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالى مبْنيٌّ عَلَى السُّكُوْنِ، وفُتِحَ لالتِقَاءِ السَّاكِنَينِ كَمَا فُتِحَتْ أَينَ وَكَيفَ، وحَرْفُ النِّدَاءِ مَعَهُ مَضْمَرٌ لم يُذْكَرْ، كَإِضْمَارِهِ في قَوْلهِ تَعَالى (¬1): {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} والتَّقْدِيرُ: يَا آمِين. وَقَال الفَارِسِيُّ (¬2): هُوَ اسْمٌ من أَسْمَاءِ الفِعْلِ نَحْوَ "صَهْ" وَ"مَهْ"، واحتجَّ بما قال عِكْرِمَةُ: دَعَا مُوْسَى وَأَمَّنَ هَارُوْنُ، فَقَال الله (¬3): {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} فَكَمَا أَنَّ قَوْلَ مُوْسَى [- عليه السلام -] (¬4): {رَبَّنَا اطْمِسْ .. } الآية، كَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَكَذلِكَ قَوْلُ هَارُوْنَ: آمِين جُمْلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا، وَلَوْلا ذلِكَ لَمْ يَكُنْ دَاعِيًا؛ لأنَّ مَنْ تكلم باسمٍ مُفْرَدٍ، أَوْ بِكَلِمَةٍ مُفْرَدَةٍ لا يُقَالُ لَهُ: دَاعٍ، كَمَا لا يَكُوْنُ أَمْرًا، وَاحتَجَّ بِقَوْلِ الحَسَنِ في تَفْسِيرِهِ بِقَوْلهِ: اللهُمَّ اسْتَجِبْ. واحْتَجَّ أَيضًا بِأَنَّهُ جَاءَ مَبْنيًّا، وَلَيسَ في أَسْمَاءِ الله شَيءٌ مَبْنيّ، وَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيهِ (¬5) مِنْ قَوْلهِمْ:
¬__________
= البَغْدَادِيُّ الحَنْبَلِيُّ (ت 567 هـ) أحكام لَفْظَةِ "آمين" في رِسَالةٍ سَمَّاهَا: "لُمْعَةً في الكَلَامِ عَلَى لَفْظَةِ آمِينَ ... " نَشَرَهَا صاحبنا الدُّكتور سُلَيمان العايد في مجلَّة جامعةِ الإمامِ مُحَمَّدِ بنِ سُعُوْدِ الإِسلامية سنة (1409 هـ).
(¬1) سورة يوسف، الآية: 29.
(¬2) رأي الفارسيِّ في المَسائل الحلبيات (97، 98)، ويُراجع: تفسير الطبري (11/ 160)، المحرر الوجيز (7/ 208)، وزاد المسير (4/ 58)، وتفسير ابن كثير (4/ 226).
(¬3) سورة يونس، الآية: 89.
(¬4) سورة يونس، الآية: 88.
(¬5) الكتاب (2/ 144)، والنُّكَتُ عليه للأعلم (953). والمؤلّف إِنَّمَا نَقَلَ عن أبي علي الفَارسي في المسائل الحَلَبيات (101 - 102)، أو المسائل البصريات (909 - 912)، أو غيرِهِمَا فإنَّ أبا عليٍّ الفَارِسيَّ يُعِيدُ المسألةَ في أكثرِ من كتابٍ من مؤلفاته رحمه الله.
الصفحة 128