كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
يُوصَفْ بالأوَّلِ.
- وَقَوْلُ عُمَرَ: "فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أضْيَعُ". هكَذَا رُويَ فِي هَذَا الحَدِيْثِ، وكَانَ الوَجْهُ أَنْ يُقَال: فَهُوَ لِمَا سِوَاهَا أَشَدُّ إِضَاعَة؛ لأنَّ الفِعْلَ الزَّائِدَ عَلَى ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ لا يُبْنَى مِنْهُ أَفْعَلَ، وَقَدْ أَجَازَهُ سِيْبَوَيهِ (¬1) فِيْمَا كَانَ أَوَّلَهُ الهَمْزَةُ خَاصَّةً، وجَاءَ كَثيْرًا فِي الكَلامِ والشِّعْرِ كَقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ (¬2):
وَمَا شَنَّتَا خَرْقَاءَ وَاهِيَتَا الكُلَى ... سَقَى بِهِمَا سَاقٍ وَلَمَّا تَبَلَّلا
بِأضْيَعَ مِنْ عَيْنَيْكَ لِلْدَّمْعِ كُلَّمَا ... تَوَهَّمْتَ رَسْمًا أَوْ تَذَكَّرْتَ مَنْزِلا
- وَقَوْلُهُ: "ثَلاثَةُ فَرَاسِخَ" [8]. المَشْهُوْرُ في الفَرْسَخِّ أنه ثَلاثَةُ أَمْيَالٍ، وَزَعَمَ بَعْضُ اللُّغَويِّينَ أَنّه قَدْ يَكُوْنُ أَرْبَعةً، ولَيْسَ ذلِكَ بِمَعْرُوْفٍ، وَوَقَعَ فِي حَدِيْثِ مُوْسَى بنُ عُقْبَةَ (¬3): "قَدْرُ مَا يَسِيْرُ الرَّاكبُ عَلَى الجَمَلِ الثّقَالُ فَرْسَخَيْنِ"،
¬__________
(¬1) يُنظر كَلامُ سِيْبَوَيْهِ رحمه اللهُ وشَرْحُ السَّيْرَافي له في تَعْلِيْقَتِنَا عَلَى هَذَا المَوْضِع مِنَ "الاقْتِضَابِ" لليَفْرَنِيِّ؛ لأنَّ اليَفْرَنَي رحمه الله ذَكَرَهُ مُفَصَّلًا هُنَاك.
(¬2) غَيْلان بنُ عُقْبَة بن نُهَيْس بنُ مَسْعُوْد العَدَويُّ، نسبة إلى عديِّ بن مرّ بن طابخة بن إلياس بن مُضر، كَذَا قَال ابن الكَلْبِي، وغَيْرُهُ، شَاعِرٌ أَمَويّ، عَاصَرَ جَرِيْرًا والفَرَزْدَق، وكَانَ يذْهَبُ بِشِعْرِهِ مَذْهَبَ شُعَرَاءِ الجَاهِلِيّةِ، أَكْثرهُ تشْبِيبٌ، وبُكَاءُ أَطْلالٍ، وَوُقُوْفٌ عَلَى الدِّمَنِ. قَال أبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ: "فُتِحَ الشّعْرُ بامْرِئُ القَيْس وخُتِمَ بذي الرُّمّة" تُوفيَ سَنَةَ (117 هـ).
أَخْبَارُهُ في: الشِّعْرِ والشُّعَرَاءِ (206)، والأغَانِي (18/ 1)، والخِزَانَة (1/ 51). والبَيْتَانِ المَذْكُوْرَانِ في ديوانه (3/ 1897، 1898) (المُلْحَقَات) ونَقَلَهُمَا مُحَقِّقُ الدِّيْوَان أُسْتَاذُنَا الفَاضِلُ الدُّكْتُور عبدُ القُدُّوْس أَبُو صَالح عن التَّشْبِيْهَات (81)، والأمَالِي (1/ 108)، والأشْبَاهُ والنَّظَائِر (2/ 331)، وشَرْح العُكْبري (3/ 46) ... وغيرها.
(¬3) مُوْسَى بنُ عُقْبَة بن أبي عيَّاشٍ، الإمامُ، الثِّقَةُ، الكَبِيْرُ، أَبُو مُحَمَّدٍ القُرَشِيُّ مَوْلاهُمْ، =
الصفحة 13