كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
وَلكُلَّ مَا قَال الفَتى ... قَدْ قُلْتُهُ إلا التَّحِيَّة
أَي: إلَّا البَقَاءُ والخُلُوْدُ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّه أَرَادَ: المُلْكَ، وأَنْ يُحَيَّى "أَبَيتَ اللَّعْنَ". وَقَال الحَسَنُ: كَانَ لأهْلِ الجَاهِلِيّةِ أَصْنَامٌ صِغَارٌ فَكَانُوا يَمْسَحُوْنَ وُجُوْهَهَا ويَقُوْلُوْنَ: لَكِ الحَيَاةُ الدَّائِمَةُ البَاقِيَةُ، فَأَمَرَ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - المُسْلِمِين أَنْ يَقُوْلُوا: التَّحِيَّاتُ للهِ، أَي: البَقَاءُ لَهُ لا لِغَيرِهِ.
- "الزَّاكِيَاتُ للهِ": أَي: إِنَّ الأعْمَال الصَّالِحَةَ الزَّاكِيَةَ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللهِ وَكُلُّ شَيءٍ نَمَى فَقَدْ زكَى، وَمِنْهُ الزَّكَاةُ؛ لأنَّهَا تُنَمّي مَال المُزَكِّي وَحَسَنَاتِهِ وتُعْلِي مَكَانَتَهُ عِنْدَ اللهِ.
- ومَعْنَى"الطَّيِّباتُ لله": أَي: الكَلِمَاتُ الطَّيِّبَاتُ لله، وهِيَ كُل كَلِمَةٍ كَانَتْ في ذِكْرِ اللهِ، وَفِيمَا يُقَرّبُ إلَيهِ، قَال اللهُ تَعَالى (¬1): {إِلَيهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.
- وَقَوْلُهُ: "الصَّلَوَاتُ للهِ" يَحْتَمِلُ المَعَانِي الّتِي تَقَدَّمَ فِيهَا.
¬__________
= مِنْ كُل مَا نَال الفَتى ... ............. البيت
والمَوْتُ خَيرٌ لِلفَتَى ... فَلْيَهْلِكَنْ وَبِهِ بَقِيَّهْ
يُراجع: أَمْثال أبي عكرمة (24)، والمُعمَّرون (26)، وحماسة البُحْتُري (146)، والزِّينة (1/ 88)، والفاخر (2)، والزَّاهِر (1/ 155)، وشرح القصائد السَّبع (297)، والمؤتلف والمختلف (190) ... ويُنسب الشَّاهد في المُزهر (2/ 476)، إلى لُجيم بن صَعبٍ. وهو في إصلاح المنطق (316)، وتهذيب (670)، وترتيبه "المشوف المُعلم" (226)، وتهذيب الألفاظ (584)، والمُخصص (18982)، وشرح أدب الكاتب للجواليقي (153) .. وغيرها.
(¬1) سورة فاطر، الآية: 10.
الصفحة 134