كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
- وَقَوْلُهُ: "السَّلَامُ عَلَيكَ": فيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ:
أحَدُهَا: أَنْ يُرَادَ بالسَّلَامِ: الله، وَهُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَائِهِ (¬1)، فالتقدِيرُ اسمُ السَّلَامِ عَلَيكَ، وَقَدْ بَيَّنَ ذلِكَ لَبِيدٌ فَقَال (¬2).
* إِلَى الحَوْلِ ثُمَّ اسْمِ السَّلَامِ عَلَيكُمَا *
والثَّانِي: أَنْ يُرَادَ بالسَّلَامِ: السَّلَامَةُ، وهُمَا لُغَتَانِ سَلَامٌ وسَلَامَةٌ (¬3)، كَمَا يُقَالُ: لَذَاذٌ ولَذَاذةٌ، ورَضاع رَضَاعَةٌ، قَال (¬4):
¬__________
(¬1) الزَّاهِرُ لابن الأنْبَارِيِّ (1/ 158)، قال: "المَعْنَى الله عليكم أي: على حفظكم".
(¬2) شَرْحُ دِيوَانِهِ (214) من قَصيدَةِ يُخَاطبُ بها ابنَتيهِ لَما حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ وَمِنْهَا:
تمنَّى ابْنَتَايَ أَنْ يَعِيشَ أَبُوهُمَا ... وَهَلْ أَنَا إلَّا مِنْ رَبِيعَةَ أَوْ مُضَرْ
وَنَائِحَتَان تَنْدُبَان بِعَاقِلٍ ... أَخَا ثِقَةٍ لا عَينَ مِنْهُ وَلَا أثَرْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَقُومَا فَقُوْلَا بالَّذِي قَدْ عَلِمْتُمَا ... ولَا تَخْمِشَا وَجْهًا ولَا تَحْلِقَا شعرْ
وَقُوْلَا هُوَ المَرْءُ الَّذِي لا خَلِيلَهُ ... أَضَاعَ ولَا خَانَ الصَّدِيقَ ولَا غَدَرْ
إِلَى الحَوْلِ ...... ... وَمَنْ بَيْكِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدِ اعْتذَرَ
وعَاقِلُ: اسمُ وَادٍ مَعْرُوْفٌ. قَال يَاقُوْتُ الحَمَويُّ في مُعجم البُلدان (4/ 68): "وَادٍ لبِنِي أَبَان بنِ دَارِمٍ، مِنْ دُوْنِ بَطْنِ الرُّمة". أقُوْلُ: وهو مَعْرُوفٌ الآن بمنطقة القصيم باسم "العاقلي". والشَّاهد في: أمالي الزَّجاجي (63)، واشتقاق أسماء الله له (377)، ومجالس العلماء له (63)، والزِّينة للرَّازي (2/ 9، 63)، والخصائص (3/ 29)، والتَّخمير "شرح المفصل" (2/ 39، 42)، وشرح المفصل لابن يعيش (3/ 14)، والخِزَانَة (2/ 217).
(¬3) النَّصُّ -فيما أظن -لابن قُتيبَةَ في تَفْسِير غريب القرآن (6)، أو هو من كَلَامِ الزَّجاجيّ في اشْتِقَاقِ أَسْمَاءِ اللهِ (374)، ويُرَاجع: الزينَةَ للرَّازِي (2/ 63).
(¬4) البيتُ لأبي بَكْرِ بنِ سَوْدَةِ، أَو لِشَدَّادِ بنِ الأسْوَدِ اللَّيثِي، أَو لابْنِ شَعُوْبَ عَمْرِو بنِ سُمَيٍّ =
الصفحة 135