كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
{إِنَّمَا النَّسِيُّ ... }.
أَوْ يَكُوْنُ مُشْتَقًّا مِنَ النُّبُوَةِ: وَهُوَ المَكَانُ المُرْتَفِعُ مِثلِ النَّجْوَةِ، والنَّبِيُّ: مُشْرفٌ عَلَى الخَلْقِ؛ أَي: مُرْتَفِعٌ عَلَيهِمْ، ويُقَالُ لِلْمُرْتَفِعُ مِنَ الأرْضِ نَبِيٌّ.
والقولُ الثَّالثُ: أَنْ يَكُوْنَ سُمِّي نَبِيًّا؛ لأنَّه وَاسِطَةٌ بَينَ الخَلْقِ والخَالِقِ يَقُوْدُهُم إِلَيهِ، ويَعْبُرُوْنَ إِلَى ثَوَابِهِ علَى يَدَيهِ، فَشُبِّهَ بالنَّبِيءِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ الوَاضِحُ البينُ. وَرَوَى حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ (¬1) عَن حُمرَانَ (¬2) مَوْلى ابنِ أَعيَنَ قَال: "قَال رَجُلٌ:
¬__________
= القَلْبُ مِثْل القَلْبِ في {النَّسِيُ} لأنَّ "النّسَيَّ" بِتَشْدِيدِ اليَّاءِ عَلَى وَزْنِ "فَعِيلٍ" تَخْفِيفٌ قِيَاسِيُّ، وَلَيس "النَّسْيُ" كَذلِكَ، كَمَا أنَّ مَقْرُوْءَةٌ في مَقْرُؤَةٍ تَخِفِيفٌ قِيَاسِيٌّ، وَسِيبَوَيهِ لَا يُجِيزُ نَحْوَ هَذَا القَلْبِ الَّذِي في "النَّسْيُ" إلَّا في ضَرُوْرَةِ الشِّعْرِ، وأبُو زَيدٍ يَرَاهُ، وَيَرْوي كَثِيرًا مِنْهُ عَنِ العَرَبِ". وَيُراجع: إعراب القِرَاءَاتِ لابن خَالويه (1/ 246)، وفيه رِوَايَةٌ عن ابن كثير، والمحتسب (1/ 287)، والكَشَّاف (2/ 189)، والبَحر المحيط (5/ 39، 40)، والدُّرُّ المَصُوْن (6/ 46)، وهي روايةُ وَرْشٍ عن نَافعٍ، وأبي جَعْفَرٍ، والزُّهْرِيِّ، وحُمَيدٍ.
(¬1) هُوَ حَمْزَةُ بنُ حَبِيبِ بن عُمَارَةَ بن إسماعيل التَّيمِيُّ الكُوْفِيُّ المُقْرِيءُ، أحَدُ السَّبْعَة. مَوْلَى آل عِكْرِمَةَ بنِ رِبْعيٍّ التَّيمِيِّ، أدركَ الصَّحابة بالسِّنِّ، ولا يُدْرَى هَلْ رَأَى بَعْضَهُم. قَرَأ القُرآن على الأعْمَشِ وحُمْرَانَ بنِ أعْيَنَ، ومُحَمَّدِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَن بن أبِي لَيلَى، وطَلْحَةَ بن مصرِّف، وجَعْفَرِ الصَّادقِ ... وغَيرِهِمْ. قَرَأ عليه الكِسَائيُّ، وسليمُ بنُ عِيسى وغَيرُهُمَا. حَدَّثَ عنه الثّورِيُّ وشُرَيكٌ (ت 156 هـ). أخبارُهُ في: طَبقاتِ ابنِ سَعْدٍ (6/ 385)، وَالجَرْحِ والتَعْدِيلِ (3/ 209)، وسيرِ أعلامِ النبلاء (7/ 90)، وَمعرفةِ القُرَّاءِ (1/ 111)، وَغَايَةِ النِّهايةِ (1/ 261)، وشذرات الذَّهب (1/ 240).
(¬2) هُوَ مَوْلَى بَنِي شَيبانَ أخذ القِرَاءَةَ عَرَضًا وسَمَاعًا عن عُبيدِ بنِ نُضَيلَةَ، وَأبِي حَرْبِ بنِ أبي الأسْوَدِ، وَيَحيَى بنِ وَثَّابٍ، عَرَضَ عَلَيةِ حَمْزةُ الزَّيَّاتُ. وَقَدْ سَمعَ من أبي الفَضْل عامر بن وَاثِلَةَ، وَأبِي جَعْفَرٍ الباقرِ. وَلَمْ يَكُنْ في الحَدِيثِ ذَا مَنزلَةٍ، فَقَدْ قَال عَنْهُ يَحْيَى بنُ مَعِينٍ: =
الصفحة 138