كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

فَبَاتَ السَّيْلُ يَرْكَبُ جَانِبَيْهِ ... مِنَ البَقَّارِ كَالعَمِدِ الثَّفَالِ
- وَقَوْلُهُ: "إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ" [7]. مَعْنَاهُ: مَالتْ، وكُلُّ شَيْءٍ مَال وانْحَرَفَ عَن الاعْتِدَالِ فَقَد زَاغَ، قَال اللهُ [عَزَّ وَجَلَّ] (¬1): {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}.
- و"الفَيْءُ": الظِلُّ إِذَا رَجَعَ مِن جَانِبِ المَغْرِبِ إِلَى جَانِبِ المَشْرِقِ، ولا يُقَالُ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَيْءٌ حَتَّى يَنْقَلِبَ ويَرْجِعَ؛ لأنَّ هَذَا مَعْنَى الفَيْءِ في اللُّغَةِ، إِنَّمَا هُوَ الرُّجُوع، قَال اللهُ [عَزَّ وجَلَّ] (¬2): {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} أي: تَرْجِعَ.
- وَقَوْلُهُ: "مَا بيْنكَ وبيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ" [8]. كَذَا الرِّوَايَةُ، وَهُوَ كَلامٌ فِيْهِ مَجَازٌ؛ لأنَّه لَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَدِّدَ مَا بَيْنَ المُخَاطبِ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، كَمَا تَقُوْلُ: مَا بَيْنَكَ وبَيْنَ الحَائِطِ، وإِنَّمَا أَرَادَ مَا بَيْنَ وَقْتِكَ وبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَحَذَفَ المُضَافَ وَأَقَامَ المُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ. ويُقَالُ: غَرَبَتِ الشَّمْسُ بِفَتْحِ الرَّاءِ، وقَدْ أُولِعَتِ العَامَّةُ بضَمِّهَا، وهُو خَطَأٌ، قَال اللهُ: [عَزَّ وجَلَّ] (¬3): {وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ [ذَاتَ الشِّمَالِ]}.
- وَقَوْلُهُ: "بِغَبشٍ": المَشْهُور من رِوَايَة يحيى بالشِّين المُعجمة، والمَشْهُوْرُ من رِوَايَةِ ابن بُكَيْرٍ بالسِّين المُهْمَلة، وهُمَا لُغتان جَيِّدَتَان، حَكَى اللُّغويُّونَ (¬4):
¬__________
= المِيْمِ، "يُقَالُ: عَمِدَ سَنَامُ البعيرِ يَعْمَدُ عَمْدًا: إِذَا غَصَّ الحِمْلُ غَارِبَهُ وَسَنَامَهُ حَتَّى يتَوَخَّضَ لَحْمُهُ أي: يَتَكَسَّرُ .. " جمهرة اللُّغة (2/ 664)، وأنشد البيتَ.
(¬1) سورة الصَّف، الآية: 5.
(¬2) سورة الحُجُرَات، الآية: 9.
(¬3) سورة الكَهْفِ، الآية: 17.
(¬4) جَاء في كتاب"فعلت وأفعلت" للزَّجاج (69): ، وَيُقَالُ: غَبَسَ اللَّيْلُ وأَغْبَسَ، وغَسَقَ اللَّيْلُ =

الصفحة 16