كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

فَمَنْ يَسْعَ أَوْ يركَبْ جَنَاحَي نَعَامَةٍ ... لِيُدرِكَ مَا قَدَّمتَ بالأمسِ يُسْبَقِ

[مَا جَاءَ في السَّاعَةِ الَّتي فِي يَوْمِ الجُمُعَة]
- وَذَكَرَ قَوْلَهُ: "قَائِم يُصَلِّي" [15]. قَال وَيُحتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بالصَّلاةِ: الدُّعَاءَ، ويُحتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بالقِيَامِ المُوَاظَبَةَ عَلَيهِ، مِنْ قَوْلهِم: فُلانٌ يَقُوْمُ بأمرِ فُلانٍ وحَوَائِجِهِ، أَي: يَسْعَى في ذلِكَ ويَنْظُرُ فِيهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ [تَعَالى] (¬1): {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}. ومِنْهُ قَوْلُ الأعشَى (¬2):
يَقُوْمُ عَلَى الوَغْمِ في قَوْمِهِ ... فَيَعْفُوَ إِذَا شَاءَ أَوْ يَنْتَقم
- قَوْلُهُ: "وأشَارَ [- رضي الله عنه -] بِيدهِ يُقَلِّلُها" [15]. أي: يُصَغَّرُ مَدَّتها. والقِلَّةُ تَتَصرَّفُ في كَلامِ العَرَبِ عَلَى أَربَعَةِ مَعَانٍ:
أحَدُها: ضِدُّ الكَثيرِ كَقَوْلهِ [تَعَالى] (¬3): {فِئَةِ قَلِيلَةٍ}.
والثَّانِي: بِمعنَى الحَقَارَةِ والصِّغَرِ. وتكُوْنُ للكَثرةِ بِمَعنَى الجَلالةِ
¬__________
= الجِنَّ ... يُراجع تَفْصِيل ذلِكَ في حَمَاسَةِ أَبِي تمَام "رواية الجواليقي" (312)، وطَبقَات فُحُوْلِ الشُعراء لابنِ سَلَّام (133)، وَالأغَاني لأبي الفرج (8/ 102)، والعقد الفريد (3/ 284) ... وغيرها. وقد فصَّل الدُكتور صَلاح الدين الهادي في مُلحقات ديوان الشَّماح القَوْلَ هي نسبة الأبيات، وذكر المَزِيدَ من القَوْلِ من مصادر مختلفة فليرجع إليه من أراد.
(¬1) سورة النساء، الآية: 74.
(¬2) ديوانه "الصُّبح المنير" (31)، من قصيدته التي أولها:
أتَهْجُرُ غَانِيَة أَمْ تَلُمْ ... أَمْ الحَبْلُ وَاهٍ بِها مُنْجَذم
(¬3) سورة البقرة، الآية: 249.

الصفحة 161