كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
والرُّقَادُ: الاسْتِغْرَاقُ، وكَذلِكَ النَّوْمُ بِدَلِيلِ قَوْلِ عَدي: "وَلَيسَ بِنَائِمِ" وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالى (¬1): {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}.
- ويقَالُ: "كَرَاهِية" و"كَرَاهة" [4] بِيَاءٍ وبِغَيرِ يَاءٍ [لُغَتَان] فَصِيحَتَانِ.
- وَقَوْلُهُ: "لَا يَمَلُّ" [4]. فِيه تأْويلان:
أَحَدُهُمَا: عَلَى مَذَاهِبِ العَرَبِ في تَسْمِيَةِ المُجَازَاةِ عَلَى الشَّيءِ باسْمِ الشَّيءِ المَجْزَيِّ عَلَيهِ فَسَمَّى -ههنَا- المُجَازَاةَ عَلَى المَلَلِ [مَللًا والمَعنَى] لَا يَمتَنعُ من مُجَازَاتِكُم وَثَوَابِكُم حَتَّى تَمَلُّوا العَملَ وَمِنْهُ: [قَوْلُهُ تَعَالى]: (¬2) {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} وَ [قَوْلُهُ تَعَالى]: {فَمَنِ اعتَدَى عَلَيكُم .. } الآيةُ (¬3).
ومِنْهُ قَوْل عَمرِو بنِ كُلْثُوْمٍ (¬4):
أَلا لَا يَجْهلنَّ أَحَدٌ عَلَينَا ... فنَجْهلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينَا
وإِنَّمَا جَازَ أَنْ يُسَمِّيَ الشَّيءَ باسْمِ مَا جُزِيَ عَلَيهِ لِمَا بَينَهُمَا مِنَ التَّشَابُهِ وإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَينِ في حَقِيقَةِ المَعْنَى.
والتّأويلُ الثَّانِي: فَإِنَّ الله لَا يَمَلُّ حَتَّى إِذَا مَلَلْتم فَيَكُوْنُ كقَوْلهِم: هذَا الفَرَسُ لَا يَنْقَطِعُ جريُهُ حَتَّى يَنْقَطِعَ جَريُ الخَيلِ، وفُلانٌ لا يَضْعُفُ عَنِ الخِصَامِ حَتَّى يَضعُفَ الخُصُوْمُ، المُرادُ: إِنَّ الفَرَسَ لَا يَنْقَطِعَ جَرْيُهُ إِذَا انْقَطَعَ جَرْيُ الخَيلِ، ولَيسَ المُرَادُ إِنَّ جَريَهُ يَنْقَطِعَ عِنْدَ انْقِطَاع جَزي الخَيلِ، وَلَوْ كَانَ كَذلِكَ
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 255.
(¬2) سورة الشُّورى، الآية: 40.
(¬3) سورة البقرة، الآية: 194.
(¬4) ديوانه (78).
الصفحة 174