كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
صَلاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ وُسْطَى؛ لأنَّ قَبْلها صَلاتَينِ وَبَعدها صَلاتَينِ. وَقَد يَجُوْزُ أَنْ يَكُوْنَ مِنْ قَوْلهِم: فُلانٌ أَوْسَطُ قَوْمِهِ: إِذَا كَانَ أَشْرَفَهُم حَسَبًا، فَإِذَا أَضَافُوْهُ لَمْ يثنُّوْهُ وَلم يَجْمَعُوهُ، ولَم يُؤَنِّثُوْهُ، وإِذَا أَفْرَدُوْهُ عَنِ الإضَافَةِ قَالُوا: هُوَ الأوْسَطُ، وَهِيَ الوُسْطَى، وَثنَّوا وَجَمَعُوا، وَيُقَالُ في هذَا المَعْنَى هُوَ وَسَطُ وَجْهِهِ، ومنه [قَوُلُهُ تَعَالى] (¬1): {أُمَّة وسطًا} وأَصلُ هذَا: "إِنَّ خَيرُ الأمُوْرِ أَوْسَطُها" يُضرَبُ لِذلِكَ مَثَلًا (¬2)، قَال زُهيرٌ (¬3):
هُمُ وَسَطٌ يَرضَى الأنامُ بحكُمِهِم ... إِذَا طَلَعَتْ إِحدَى اللَّيَالِي بِمُعظِمِ
وَإِذَا حُمِلَتَ الصَّلاةُ الوُسْطَى عَلَى هذَا التّأويلِ كَانَ أَشْبَة بِمَعنَاها، وَلَم يَصِحَّ أَنْ تكُوْنَ كُل صَلاةٍ.
¬__________
(¬1) سورة البقرة، الآية: 143.
(¬2) يُراجع: أمثال أبي عبيد (220)، وَشَرْحُهُ "فَصْلَ المَقَال" (317)، وجمهرة الأمثَالِ (1/ 419)، وَمَجْمَعَ الأمثالِ (1/ 243)، والمُسْتقصَى (2/ 77)، وتمثال الأمثالِ (444)، وهو في الكَامل (1/ 243) ... وغيره.
(¬3) شرحُ ديوانُ زُهير (277)، وهو في مُعَلَّقَتِهِ المَشْهُوْرَةِ، وَصدرُهُ:
* لحِي حِلالٍ يعصِمُ النَّاسُ أَمرَهم *
وَلَا شَاهِدَ فيه عَلَى هذهِ الرِّوَايَةِ، وَلم أَجِدْ مَنْ أَشَارَ إلى رِوَايَةِ المُؤَلِّفِ. يُراجع: شَرح القَصَائِدِ لابن الأنْبَارِي (272)، وشرحها لابنِ النَّحَّاس (332)، وَشَرح أشعار الستَّة (286) ... وغيرها.
الصفحة 185