كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
كَانُوا يَسْتَحْسِنُوْنَ الثَّلاثَةَ إِذَا أَرَادُوا مَدْحًا أَوْ ذَمًّا ونَحْوَهُمَا، فَيقُولُوْنَ: أَجْوَادُ العَرَبِ ثَلاثَةٌ، وَشُجْعَانُهُم ثَلاثَةٌ، وَنَحْوُ ذلِكَ. وَمَعْلُوْمٌ أنّه كَانَ فِيْهم من الشُّجْعَانِ وَالأجْوَادِ أَكْثَرُ مِنْ هَذَا العَدَدِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُوْنَ جَرَى عَلَى قَوْلِ العَرَبِ في هَذَا. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّاعِرُ في قَوْلهِ (¬1):
نَعَمْ فَاسْلَمِي ثُمَّ اسْلَمِي ثُمَّتَ اسْلَمِي
ثَلاثَ تَحِيَّات وإِنْ لَمْ تَكَلَّمِي
(اشتِقَاقُ الصَّلَوَاتِ)
الصَّلَوَاتُ أَصْلُهَا أَنْ تُضَافَ إِلى أَوْقَاتِهَا، فيقَالُ: صَلَّيْنَا صَلاةَ الظُّهْرِ، وصَلاةَ العَصْرِ، وكَذلِكَ سَائِرُها، ثُمَّ يَحذِفُوْنَ ذِكْرَ الصَّلاةِ اخْتِصَارًا فَيَقُوْلُوْنَ
¬__________
= عَدُّوا قَبْلَ ذلِكَ لَم يَعُدُّوه مَعَه".
(¬1) الَّذي أَنْشَده كَثِيْرٌ من النَّحْويِّين:
يَا دَارَ سَلْمَى يَا سْلَمِيْ ثُمَّ اسْلَمِيْ
بسَمْسَمٍ أَوْ عَنْ يَمِيْنِ سمْسَمِ
وهُمَا للعجاج، مطلع أرجوزة في ديوانه (1/ 442).
وأمَّا البَيْتَان اللَّذان ذكرهما المؤلِّف فلم أَجدْهُمَا إلَّا في التَّبيِيْنِ لأبي البقَاءِ العُكْبَرِيِّ (278)، وشرح المفَصَّل لابن يعيش (3/ 39)، وَرَوَيَاهُ هكَذَا:
* أَلا يَا سْلَمِى ثُمَّ اسْلَمِي ثُمَّتَ اسْلَمِي *
وأَنْشَدا البيت الثَّاني كَرِوَايَةِ المُؤَلّفِ، ولم يَنْسِبَاهما. و"سَمْسَمُ" اسمُ مَوْضِعٍ في مُعْجَم البُلْدَانِ (3/ 283)، ونَقَلَ عن ابن السِّكِّيْتِ أَنهَا رَمْلَةٌ مَعْرُوْفةٌ، قَال البَعِيْثُ:
مَدَامِنُ جَوْعَانٍ كَأَنَّ عرُوْقَةُ ... مَسَارِبُ حَياتٍ تَسَرَّيْنَ سَمْسمَا
ونَقَلَ عَن الحَفْصِيّ أنَّهَا نَقا بَيْنَ القُصَيبةِ وَبَيْنَ البَحْرِ بالبَحْرِيْنِ وَأَنْشَدَ بَيْتَيْ العجَّاج.
الصفحة 19