كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
صَلَّيْنَا الظُّهْرَ، وَصلَّيْنَا العَصْرَ، وَكَذلِكَ غَيْرُهَا، وَمَجَازُهُ عَلَى حَذْفِ المُضَافِ وإقَامَةِ المُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ كَقَوْلهِ [تَعَالى] (¬1): {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا}. ويَجُوْزُ أَن يَكوْنَ عَلَى مَعْنَى تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ باسمِ الشَّيْءِ إِذَا اتَّصَلَ بِه ولازَمَهُ، أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا سَبَبٌ.
- واشِتِقَاقُ "الصُّبح" من الصَّبَاحَةِ؛ وهي الجَمَالُ والحُسْنُ؛ سُمِّيَ بذلِكَ لإشْرَاقِهِ. ويجوزُ أَنْ يَكُونَ من قَولهم: شَيْءٌ أَصْبَحُ؛ إِذَا كَانَ فيه بَيَاضٌ وحُمْرَةٌ فيكونُ قد سُمِّيَ بذلِكَ لِلبَيَاضِ الَّذِي تُخَالِطُهُ الحُمْرَةُ في أَوَّلِ النَّهَارِ.
- واشْتِقَاقُ "الفَجْرِ": من تَفَجُّرِ المَاءِ وظُهورِهِ مِنَ الأرْضِ، شَبَّهَ انْصِدَاعُه في الطلامِ بانْفِجَارِ المَاءِ.
- و"الظُّهْرُ" و"الظَّهِيْرَةُ" -في اللُّغَةِ-: سَعَةُ الزَّوَالِ حِيْنَ يقوَى سُلْطَانُ الشَّمْسِ، فسُمِّيَتِ الصَّلاةُ ظُهْرًا؛ لأنَّهَا تُصَلَّى في ذلِكَ الوَقْتِ. وقِيْلَ: سُمِّيَتْ بِذلِكَ؛ لأنَّهَا أَوَّلُ صَلاة أُظْهِرَت.
- و"العَصْرُ": العَشِيُّ، وبِذلِكَ سُمِّيَتِ الصَّلاةُ في المَشْهُوْرِ من أَقْوَالِ العُلَمَاءِ، قَال الحَارِثُ بنُ حِلَّزةَ -يَصِفُ نَعَامَةً- (¬2):
¬__________
(¬1) سورة يُوسُف، الآية: 82.
(¬2) هو: الحَارِثُ بنُ حِلِّزَةَ بنِ مَكْرُوْهِ بنِ يَزِيْدَ اليَشْكُريُّ، وبَني يَشْكُرُ من بني بَكْرِ بنِ وَائل، من رَبِيْعَةَ، وهو أَحدُ أَصْحَابِ المُعَلَّقَاتِ، شَاعرٌ، جَاهِليٌّ، مُقِلٌّ، جَمَعَ شعره هاشم الطعان وَنَشَرَهُ في بَغْدَادَ سَنهَ (1969 هـ). أَخْبَارُهُ في: الشِّعْر والشُعَراء (53)، والأغاني (11/ 42)، والخِزَانة (1/ 158)، والبيتُ في معلَّقتِهِ المَشْهُوْرَةِ في ديوانه (10). ويُنظر: شَرْحُ القَصَائِدِ لابنِ الأنْبَارِي (442)، يصف نَاقَتَهُ يُشَبِّهُهَا بِنَعَامَةٍ.
الصفحة 20