كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)
مَاذَا تَذَكَّرْتَ منْ زَيْدِيَّةٍ ... بَيْضَاءَ حَلَّت جَنُوْبَ مَلَلْ
- و"التهجِيْرُ": السَّيْرُ فِي الهَاجِرَةِ، وَهِيَ القَائِلَةُ، يُقَالُ: هَجَّرَ الرَّجُلُ أيُهَجِّرُ، تَهْجِيْرًا فَهُوَ مُهَجِّر، وهَجَّرَ النَّهارُ [يُهَجِّرُ] تَهْجِيْرًا: إِذَا اشْتَدَّ حَرُّهُ، قَال امْرُؤُ القَيْسِ (¬1):
* ... إِذَا صَامَ النَّهَارُ وهَجَّرَا *
وَمَعْنَى غَشَى الطِّنْفَسَةَ، أَيْ: غَطَّاهَا.
(مَا جَاءَ في دُلُوْكِ الشَّمْسِ وغَسَقِ اللَّيْلِ)
وَاخْتُلِفَ في الدُّلُوْكِ فَرُويَ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ أَنّه الغُرُوْبُ، وَكَذلِكَ [رُويَ] عَنِ ابنِ مَسْعُوْدٍ، وَقَال ابنُ عُمَرَ هُوَ: الزَّوَالُ، وَكِلاهُمَا صَحِيْحٌ حَكَاهُ أَهْلُ اللُّغَةِ (¬2)، ولكِنَّ الأظْهَرَ مِنْ قَوْلهِ تَعَالى (¬3): {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [أَنْ يَكُوْنَ] الزَّوَال؛ وَلِذلِكَ اخْتَارَ مَالِكٌ هَذَا القَوْل: لأنَّا إِذَا جَعَلْنَا الدُّلُوْكَ في الآيةِ
¬__________
(¬1) ديوان امرِئُ القَيْسِ (63)، والبَيْتُ بتمامه:
فَدَعْ ذَا وَسَلِّ الهَمَّ عَنْكَ بِجَسْرَةٍ ... أَمُوْنٍ إِذَا صَامَ النَّهَارُ وهَجَّرَا
(¬2) قَال أَبُو عُبَيْدَةَ في "مَجَاز القُرآن" (1/ 387): "جَاءَ عن ابنِ عَبَّاس قَال: هُوَ زَيْغُوْغَتُهَا وَزَوَالُهَا للظُّهْرِ. قَال أَبُو زكَرِيَّا [الفَرَّاء]: ورَأَيْتُ العَرَبَ تَذْهَبُ بالدُّلُوْكِ إلى غِيَابِ الشَّمْسِ أَنْشَدَنِي بَعْضُهُم: " وأَوْرَدَ بَيْتَي الرَّجَزِ الَّذِيْنِ أَوَرَدَهُمَا المُؤَلِّفُ. وَقَال الزجَّاجُ في "المَعَانِي" (3/ 255): "دُلُوْكُ الشَّمْسِ زَوَالُهَا ومَيْلُهَا وَقْتَ الظَّهْيَرَةِ، وكَذلِكَ مَيْلُهَا إِلَى الغُرُوْبِ هُوَ دُلُوْكُهَا أَيْضًا يُقَالُ: قَدْ دَلَكَتْ بَرَاحِ وَبِراحِ أَيْ: قَدْ مَالتْ للزَّوَالِ حَتَّى صَارَ النَّاظِرُ يَحْتَاجُ إلى تَبَصُّرِهَا أَنْ يَكْسُرَ الشُّعَاعَ عَنْ بَصَرِهِ بِرَاحَتِهِ، قَال الشَّاعِرُ ... " وأَنْشَدَ بَيْتَي الرِّجَزِ. ويُراجع: تَفْسِير غريب القرآن (" 26)، ومَعَانِي القُرْآن للفرَّاء (2/ 129)، وزاد المَسِير (5/ 72، 73)، والمحرر الوجيز (9/ 161)، وتفسير القرطبي (10/ 303)، والبحر المحيط (6/ 68).
(¬3) سورة الإسراء، الآية: 78.
الصفحة 30