كتاب التعليق على الموطأ في تفسير لغاته وغوامض إعرابه ومعانيه (اسم الجزء: 1)

زَوَال الشَّمْسِ كَانَتِ الآيةُ مُتَضَمّنَة لِلصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، وإِذَا كَانَ الدُّلُوْكُ فيها لِلْغُرُوْبِ خَرَجَتْ صَلاةُ الظُّهْرِ والعَصْرِ مِنَ الآيةِ، فَلِذلِكَ كَانَ قَوْلُ مَنْ قَال إِنَّ الدُّلُوْكَ في الآية بِمَعْنَى الزَّوَالِ أَلْيْقَ بتفسِيْر الآيةِ، وإِنْ كَانَ الدُّلُوْكُ بِمَعْنَى الغُرُوْبِ غَيْرَ مَدْفُوع في الشَّمْسِ وَغَيْرِهَا مِنَ الكَوَاكِبِ، وَهُوَ فِي الشَّمْسِ أَشْهَرُ، قَال الرَّاجِزُ (¬1):
هَذَا مَقَامُ قَدَمَيْ رَبَاحِ
لِلشَّمْسِ حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاح
وَقَال ذُو الرُّمَةِ -يَصِفُ إِبلًا-: (¬2)
مَصَابِيْحُ لَيْسَتْ بِاللَّوَاتِي تَقُوْدُهَا ... نُجُوْمٌ وَلَا بالآفِلاتِ الدَّوَالِكِ
¬__________
(¬1) البَيْتَانِ من الرَّجْزِ مَجْهُولا القَائِل أَنْشَدَهُمَا أبو زَيْدِ الأنْصَارِيُّ في نوادره (315)، والفَرَّاءُ في مَعَانِي القُرآن (2/ 129)، وأَبو مِسْحَلٍ الأعرابي في نوادره أيضًا (1/ 62)، وأَبُو عُبَيْدَةَ في المَجَاز (10/ 387)، وأَبُو عُبَيْدٍ في غريب الحديث (4/ 471)، والزَّجَّاجُ في معاني القرآن وإعرابه (3/ 225)، وأبو العَبَّاس ثعلبٌ في مجالسه (1/ 308)، وابن خالويه في إعراب القراءات (1/ 391)، وذكرهما كثيرٌ من المُفَسِّرِيْنَ وشَارِحِيْ غَرِيْبِ القُرآن وغَرِيْبِ الحَدِيْثِ ومُؤَلفي المَعَاجِمِ اللَّغَويَّةِ وغَيْرِهم. يُراجع: جَمْهَرة اللُّغة (1/ 274، 69)، وتَهذيب اللُّغة (10/ 116، 117)، والمُخصَّص (9/ 25)، وتهذيب الألفاظ (393)، والأزمنة والأمكنة (1/ 62، 207). قال ابنُ دُرَيْدِ في "الجَمْهَرَة": قال الشاعِرُ يَصِفُ رَجُلًا استَقَى لِلإبِلِ إِلَى أَن غَابَتِ الشَّمْسُ، واسْمُهُ رَبَاحٌ. ويُراجع: اللسان (برح). ويُروى: (براح) بكَسْرِ البَاء وفَتْحِهَا، والكَسْرُ عَلَى أنَّها حَرْفُ جَرٍ، والرَاحُ: اليَدُ، والمَعْنَى: حَتى دَفَعَتُ الشَّمْسَ واتقَيتُهَا براحَتِي.
وأَمَّا (بَرَاح) بالفَتْحِ فاسمُ الشمْسِ، وللبَيْتين رِوَاياتٌ مُخْتَلِفَةٌ.
(¬2) ديوانُ ذي الرُّمَّة (1734). ويُراجع: تفسير غَريب القُرآن (260)، وزاد المسير (5/ 72)، وتفسير القُرطبي (10/ 303)، والبحر المحيط (6/ 68)، والِّلسان، والتاج (دلكَ).

الصفحة 31